العجيبة
11-11-06 ||, 10:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
شحاااالكم ، عساااكم مرتاحييين ..:fa35:
أدعـوكم لقراءة هذا المقـال ، ورجـاء بدون عصبية في حال اكتشفتوا إنه غير مفيد :fa48:
في يوم صيفي بارد ومنعش داخل البيت ولا أعلم عن حاله في الخارج، أكون فيه جالسة في غرفتي أقلب قنوات التلفاز- الذي أخذته بطريقة غير شرعية من مجلس البيت -، تزورني حالة من الملل جراء مشاهدة هذه القناة وتلك، فهنا مذيعة تتلقى اتصالات تجامل فيها وتحب معها جميع المتصلين الذين ما تعرف فيهم سوى أسماءهم وأصواتهم التي تسمعها لأول مرة فلا أستفيد سوى زيادة خبرتي في مجال المجاملة الذي لم أنجح في أداء أدواره يوما ما، وفي قناة أخرى أناس لا هم لهم سوى الرقص والغنا إلى أن ينتابك شعور بأن الغرفة بدأت تتمايل وستتهاوى جدرانها في أي لحظة فتضطر لتغيير المحطة إلى أخرى كان من الأجدر بهم تسميتها مآسي؛ فعندما تراها وتتابع بحزن يغلف قلبك ما يحصل في أبطال هذه القناة الأبرياء ستجد أن الرؤية بدأت تتغشى أمام عينيك، ليس لتشوش القناة المفاجئ.. كلا، ولكن لأن الدمعة تقف في محاجر عينيك تأبى أن تخرج حينا دون أن تفعل شيء ما وترفض البقاء حيناً آخر حين تعلم أن لا حيلة لها لتفعل أي شيء !.. فلم أجد مفرا إلا أن أبحث عن أقرب علبة محارم ورقية أمسح فيها تلك الدمعة الحائرة، أتابع تقليب المحطات، فتتوقف شاشة التلفاز عند قناة ملونة بهرتني ألوانها وشد نصاعتها انتباهي، انتظرت لأفهم فحوى ما يعرض، فلم يحاول عقلي تقبل فكرة واقعية في تلك المشاهد، إنها مجرد رسوم تتكلم بأصوات بشر مثلنا ولكن بمواضيع لا أعرفها مع وجود حيوانات لم أتعلم عنها في كتاب الأحياء للصف الأول الثانوي الذي تعرفت فيه على معظم أنواع وأصناف الحيوانات ! .. أخيرا تبين لي بأن القناة للأطفال، فتابعت المشاهدة علني أفهم أي أطفال يعيشون في مجتمعاتنا لكي يفهمون ما أرى ! فلم أجد تفسير سوى أن أطفالنا والأجيال القادمة بعدنا عقولها متفتحة للخرافات والأمور السطحية والتافهة، صادرت عقلي بعض الحسرة وتابعت التقليب – تقليب القنوات بلا شك -، كانت المحطة التالية خليجية الاسم، غربية المضمون، تسمرت مكاني لأحاول تفسير ما الجدوى من ذلك، ففتح قناة مستقلة للغرب وحدهم ولمواضيعهم التي لا تليق بنا في كثير من الأحيان ليس بالأمر الصعب، إنما بعض دريهمات تجعل لكل واحد منا قناة خاصة به، فهل عجز الغرب عن تقديم برامجهم في قنواتهم وبدون أن نراها، أم أن برامجنا انتهـت ولم يعد لدينا فرصة لتقديم شيء خاص بنا مع كثرة الكوادر التي تتخرج من مجال الإعلام فهل انتهى جميع هؤلاء وليس بينهم أحد عاطل ؟!! ، لم أتوقف عند هذا الأمر كثيرا، فجهاز التحكم في يدي وبإمكاني التغيير، وفعلا فعلت ذلك بلا تردد، فوقفت عند قناة كانت تعرض مسلسلا ككل المسلسلات التي تتشابه في قصصها المملة، فدائما ما أتابع مسلسل لأجد في نهايته أن قصته عادية ومملة ويمكن أن تصير أحداثها لأي عائلة، أي أنها لا تضيف لي أو لمعلوماتي الشيء الجديد والمثير، فلم أطل التوقف عند هذه القناة، بل تابعت التقليب فوجدت نفسي هذه المرة أمام منظر بدا لي كأنه صالة منزل تجمع فيه مجموعة من الشباب والبنات، اعتقدت لوهلة بأنه مسلسل كسابقه، ولكن بمتابعتي له لدقائق محاولة أن استمع لما يقال، فالصوت تارة يكون واضحا وتارة أخرى لا أسمع سوى همسات مبهمة، فليست المسلسلات هكذا ! جاء على بالي موضوع قرأته يوما في إحدى المجلات عن قنوات " التلفزيون الواقعي " فتوقعت أن تكون هذه القناة هي ما تقصد في المجلة، ولكن لم كل ذلك التهافت والاهتمام بمثل هذه القناة وأنا توقفت عندها لدقائق ولم أحصل إلا على رصيد إضافي من الشعور بالملل !
عموما، تابعت التقليب، وبينما أنا على هذه الحال، سمعت طرقات خفيفة على الباب فتح بعـدها لأرى والدتي أمامي، ابتسمت ورحبت بها في غرفتي - المزدحمة بالأثاث الذي وضع بشكل يُعتقد بأنه عشوائي وبلا ترتيب ولكني أعتبره قمة الترتيب ولا تهمني آراء من لا يسكن في غرفتي ! -، ولكن والدتي اكتفت بإخباري عن برنامج يقدمه الداعية … … في محطة … الإسلامية سيظهر بعد قليل، بادرت بالبحث عن هذه القناة فكل ما تخبرني والدتي عن هذا البرنامج أبحث عنها ولا أتذكر رقمها أو مكانها بين الكم الهائل من القنوات، وفي الحقيقة لا تستهويني متابعة أحد يتكلم بصورة متواصلة بدون أن تتغير الصورة، ولكن في هذا الداعية سحر يجذب الانتباه ويشده إليه بطريقة لا تجعل للنعاس فرصة ليتسلل إلى العيون، وبعد لف ودوران وبحث عن هذه القناة وجدتها، فتسمرت أنتظر البرنامج الذي عرض بعد ربع ساعة من الانتظار، وقد كان قبله برنامج يستضيف عددا من الضيوف مختلفي الجنسيات تجمعهم رابطة ديننا الإسلامي الحنيف، ولكنني كنت شاردة الذهن في تلك الأثناء، وعندما عرض البرنامج وبدلا من أن أكون أكثر هدوءا لأستمع ما يقول كنت أكثر ضحكا وابتساما، فأسلوبه العفوي والذي يصحبه بابتسامات تثبت ما يقوله تجبرنا على الابتسام وعلى عدم الإغفال عنه ثواني، استمر البرنامج لنصف ساعة فقط، فعـدت لعادتي السابقة كما حليمة التي عادت لعادتها القديمة، ورحت أقلب مرة أخرى بين القنوات، وفي غمرة تنقلاتي أتلقى اتصالاً من أحدهم يقول لي أن أقف عند قناة سيعرض فيها فلان بعد قليل، ولأن شأن فلان الذي لا أراه في البيت كثيرا يهمني بحثت عن القناة المقصودة لأرى فلان وأسمع صوته ولكن لا أدري أهذا يكفي لأصل أرحامي الذين أعيش معهم في بيت واحد أم لا !! .. ومازلت مستمرة في الانتقال من قناة إلى أخرى.. أنتقل.. ثم أغير.. فأبدل القناة.. و..... آه يبدو أن جهاز التحكم عن بعد قد توقف عن العمل ! يا لهذه اللحظة.. لقد انتهى عمر بطارية الجهاز قبل أن يكمل عمره الافتراضي..!
التفت إلى نفسي، فتراقص في ذهني سؤال مفاجئ، ماذا لو كنت أنا في مكان جهاز التحكم عن بعد، ينتهي عمري أثناء انشغالي بعمل لا يجدي كتقليب محطات التلفاز، فكانت الإجابة أسرع من موجات صوتي: أستغفر الله، اللهم إني أسألك حسن الخاتمة !!
العجيبة
2006
شحاااالكم ، عساااكم مرتاحييين ..:fa35:
أدعـوكم لقراءة هذا المقـال ، ورجـاء بدون عصبية في حال اكتشفتوا إنه غير مفيد :fa48:
في يوم صيفي بارد ومنعش داخل البيت ولا أعلم عن حاله في الخارج، أكون فيه جالسة في غرفتي أقلب قنوات التلفاز- الذي أخذته بطريقة غير شرعية من مجلس البيت -، تزورني حالة من الملل جراء مشاهدة هذه القناة وتلك، فهنا مذيعة تتلقى اتصالات تجامل فيها وتحب معها جميع المتصلين الذين ما تعرف فيهم سوى أسماءهم وأصواتهم التي تسمعها لأول مرة فلا أستفيد سوى زيادة خبرتي في مجال المجاملة الذي لم أنجح في أداء أدواره يوما ما، وفي قناة أخرى أناس لا هم لهم سوى الرقص والغنا إلى أن ينتابك شعور بأن الغرفة بدأت تتمايل وستتهاوى جدرانها في أي لحظة فتضطر لتغيير المحطة إلى أخرى كان من الأجدر بهم تسميتها مآسي؛ فعندما تراها وتتابع بحزن يغلف قلبك ما يحصل في أبطال هذه القناة الأبرياء ستجد أن الرؤية بدأت تتغشى أمام عينيك، ليس لتشوش القناة المفاجئ.. كلا، ولكن لأن الدمعة تقف في محاجر عينيك تأبى أن تخرج حينا دون أن تفعل شيء ما وترفض البقاء حيناً آخر حين تعلم أن لا حيلة لها لتفعل أي شيء !.. فلم أجد مفرا إلا أن أبحث عن أقرب علبة محارم ورقية أمسح فيها تلك الدمعة الحائرة، أتابع تقليب المحطات، فتتوقف شاشة التلفاز عند قناة ملونة بهرتني ألوانها وشد نصاعتها انتباهي، انتظرت لأفهم فحوى ما يعرض، فلم يحاول عقلي تقبل فكرة واقعية في تلك المشاهد، إنها مجرد رسوم تتكلم بأصوات بشر مثلنا ولكن بمواضيع لا أعرفها مع وجود حيوانات لم أتعلم عنها في كتاب الأحياء للصف الأول الثانوي الذي تعرفت فيه على معظم أنواع وأصناف الحيوانات ! .. أخيرا تبين لي بأن القناة للأطفال، فتابعت المشاهدة علني أفهم أي أطفال يعيشون في مجتمعاتنا لكي يفهمون ما أرى ! فلم أجد تفسير سوى أن أطفالنا والأجيال القادمة بعدنا عقولها متفتحة للخرافات والأمور السطحية والتافهة، صادرت عقلي بعض الحسرة وتابعت التقليب – تقليب القنوات بلا شك -، كانت المحطة التالية خليجية الاسم، غربية المضمون، تسمرت مكاني لأحاول تفسير ما الجدوى من ذلك، ففتح قناة مستقلة للغرب وحدهم ولمواضيعهم التي لا تليق بنا في كثير من الأحيان ليس بالأمر الصعب، إنما بعض دريهمات تجعل لكل واحد منا قناة خاصة به، فهل عجز الغرب عن تقديم برامجهم في قنواتهم وبدون أن نراها، أم أن برامجنا انتهـت ولم يعد لدينا فرصة لتقديم شيء خاص بنا مع كثرة الكوادر التي تتخرج من مجال الإعلام فهل انتهى جميع هؤلاء وليس بينهم أحد عاطل ؟!! ، لم أتوقف عند هذا الأمر كثيرا، فجهاز التحكم في يدي وبإمكاني التغيير، وفعلا فعلت ذلك بلا تردد، فوقفت عند قناة كانت تعرض مسلسلا ككل المسلسلات التي تتشابه في قصصها المملة، فدائما ما أتابع مسلسل لأجد في نهايته أن قصته عادية ومملة ويمكن أن تصير أحداثها لأي عائلة، أي أنها لا تضيف لي أو لمعلوماتي الشيء الجديد والمثير، فلم أطل التوقف عند هذه القناة، بل تابعت التقليب فوجدت نفسي هذه المرة أمام منظر بدا لي كأنه صالة منزل تجمع فيه مجموعة من الشباب والبنات، اعتقدت لوهلة بأنه مسلسل كسابقه، ولكن بمتابعتي له لدقائق محاولة أن استمع لما يقال، فالصوت تارة يكون واضحا وتارة أخرى لا أسمع سوى همسات مبهمة، فليست المسلسلات هكذا ! جاء على بالي موضوع قرأته يوما في إحدى المجلات عن قنوات " التلفزيون الواقعي " فتوقعت أن تكون هذه القناة هي ما تقصد في المجلة، ولكن لم كل ذلك التهافت والاهتمام بمثل هذه القناة وأنا توقفت عندها لدقائق ولم أحصل إلا على رصيد إضافي من الشعور بالملل !
عموما، تابعت التقليب، وبينما أنا على هذه الحال، سمعت طرقات خفيفة على الباب فتح بعـدها لأرى والدتي أمامي، ابتسمت ورحبت بها في غرفتي - المزدحمة بالأثاث الذي وضع بشكل يُعتقد بأنه عشوائي وبلا ترتيب ولكني أعتبره قمة الترتيب ولا تهمني آراء من لا يسكن في غرفتي ! -، ولكن والدتي اكتفت بإخباري عن برنامج يقدمه الداعية … … في محطة … الإسلامية سيظهر بعد قليل، بادرت بالبحث عن هذه القناة فكل ما تخبرني والدتي عن هذا البرنامج أبحث عنها ولا أتذكر رقمها أو مكانها بين الكم الهائل من القنوات، وفي الحقيقة لا تستهويني متابعة أحد يتكلم بصورة متواصلة بدون أن تتغير الصورة، ولكن في هذا الداعية سحر يجذب الانتباه ويشده إليه بطريقة لا تجعل للنعاس فرصة ليتسلل إلى العيون، وبعد لف ودوران وبحث عن هذه القناة وجدتها، فتسمرت أنتظر البرنامج الذي عرض بعد ربع ساعة من الانتظار، وقد كان قبله برنامج يستضيف عددا من الضيوف مختلفي الجنسيات تجمعهم رابطة ديننا الإسلامي الحنيف، ولكنني كنت شاردة الذهن في تلك الأثناء، وعندما عرض البرنامج وبدلا من أن أكون أكثر هدوءا لأستمع ما يقول كنت أكثر ضحكا وابتساما، فأسلوبه العفوي والذي يصحبه بابتسامات تثبت ما يقوله تجبرنا على الابتسام وعلى عدم الإغفال عنه ثواني، استمر البرنامج لنصف ساعة فقط، فعـدت لعادتي السابقة كما حليمة التي عادت لعادتها القديمة، ورحت أقلب مرة أخرى بين القنوات، وفي غمرة تنقلاتي أتلقى اتصالاً من أحدهم يقول لي أن أقف عند قناة سيعرض فيها فلان بعد قليل، ولأن شأن فلان الذي لا أراه في البيت كثيرا يهمني بحثت عن القناة المقصودة لأرى فلان وأسمع صوته ولكن لا أدري أهذا يكفي لأصل أرحامي الذين أعيش معهم في بيت واحد أم لا !! .. ومازلت مستمرة في الانتقال من قناة إلى أخرى.. أنتقل.. ثم أغير.. فأبدل القناة.. و..... آه يبدو أن جهاز التحكم عن بعد قد توقف عن العمل ! يا لهذه اللحظة.. لقد انتهى عمر بطارية الجهاز قبل أن يكمل عمره الافتراضي..!
التفت إلى نفسي، فتراقص في ذهني سؤال مفاجئ، ماذا لو كنت أنا في مكان جهاز التحكم عن بعد، ينتهي عمري أثناء انشغالي بعمل لا يجدي كتقليب محطات التلفاز، فكانت الإجابة أسرع من موجات صوتي: أستغفر الله، اللهم إني أسألك حسن الخاتمة !!
العجيبة
2006