عايش وهم
16-09-06 ||, 05:44 PM
السلام عليكم
" الريال لازم يكون حشيم ، يحتاي ما يخلي حرمته ، تمشيه على هواها ، بنات هالأيام ما يعرفن يوجبن رياييلهن ، و الريال إذا سكت عن حرمته ، في كل صغيره و كبيره ، تالي بتبرك على راسه ، خلاف عياله ما بيسووله قدر .. تسمعنيه ابويه ؟"
... كح كحح هاااإإإحم ...
إن من المآسي أن تحاول ، إعادة صياغة نفسك ، كي لا تكون كأباك ، كأبيك حين يعامل أمك بقسوة ، فأنت على الدوام ، تعد نفسك بأن معاملتك ، لعائلتك الصغيرة ، ستكون جداً مختلفة ، و ستتبع أبسط الطرق لمعاملتهم ، و تود أن تكسب محبتهم لك قبل احترامهم .
ذات مساء .. كان الأرز الذي طهته أمي ، على غير مزاج مذاق أبي ، فما كان منه ، سوى أن هرس الأرز بين أصابعه ، و قال لها : إني أشقى .. إني تعِب .. كل ذلك لكم .. ألا أستحق أن أتلذذ بوجباتي .. فقلب الطبق رأساً على عقب ، و نهض معلناً حرباً ، قد تنتهي في آخر المساء ، و قد تدوم لحول كامل .
بكت أمي ، و قالت : و أنا ! ألست بتعبة ؟ .. ألا أجتهد في هذا المنزل كخادمة ؟.. أسهر على راحتكم ، و أتعب من أجل سعادتكم .. ملابسكم .. أكلكم .. شربكم .. صحتكم .. رعايتكم ؟؟؟
إنهارت أمي ، و ما بيدي حيلة ، سوى أن أعد نفسي ، أن لا أكون كأبي .
... ما شاء الله .. شو طابختلنا اليوم ؟ ...
إن أنثاي حين تقوم بالطهي ، لديها سيناريو جميل ، يغمرني سعادة ، فحين تذر الملح تتمتم قائلة - ذرة سعادة - و حين تذر البهارات ، تتمتم هامسة - ذرة حنان - و حين يأتي دور تقليب مكونات القِدر ، تتمتم مبتسمة - من أجل حبنا - و هكذا حتى تنتهي ، و من إحدى مقولاتها الجميلة ، تقول : لو أن حرارة القِدر ، تعطيني مجالاً لاحتضانه . لفعلت !
أنثاي جامعية ، و لكنها ليست بمثقفة ، تؤمن بالعواطف و لكنها معقدة ، تعجبني فلسفاتها السطحية ، و لكن للأسف فبالرغم من سطحية تلك الفلسفات ، إلا أني لا زلت أجهلها ، و لا يستطيع عقلي استيعابها ، ذلك و أنا المثقف اللماح !
فماذا يعني أن تتمتم و هي تطهو ؟ في نظري لذلك هو الجنون بعينه ، و ليس مجرد ضرب منه ، أوترى الأكل ستزداد حلاوته ! أم أنه سيستوي جيداً ؟ و ماذا لو فقدت هذه المعقدة عقلها يوماً ، و احتضنت القِدر فعلاً ؟ عندما أتذوق طهوها اللذيذ ، لا أشعر بكل ما تمتمت به ، كل ما أشعر به ، أن معدتي تمتلئ - فقط لا غير - و لا أذكر بعد تلك الوجبة ، سوى أنها كانت لذيذة .
فلنكن واقعيين قليلاً ، فلو أنها تمتمت ، دون أن تضع البهارات ، هل يا ترى سيكون الأكل لذيذاً ؟
... معرض الجواتي ...
في إحدى الليالي ، و أنا أتابع فلم أجنبي أعشقه إسمه " Leon - The Professional " دخلت أنثاي لغرفة المعيشة ، تتأفف متذمرة ، و أخذت جهاز التحكم ، من يدي بقوة - كما أذكر أن أظافر يداها كادت تجرحني - و بدأت تأخِر الفيلم و تقدمه ، و أنا أتساءل بيني و بين نفسي (ما بالُ هذه المعقدة - إنها قصة جديدة من العقد !) .
أفففف أين ذلك المشهد ، الذي كانت فيه الفتاة الصغيرة ، تسأل البطل Leon عن إسمه ؟ فقلت لها ناوليني جهاز التحكم ، و سأظهره لكِ ، فبدى تذمرها بصورة أكبر و أبشع ، و قالت : أنتم الرجال ما بكم ؟ .. رمت الجهاز على طبق المكسرات ، مما أدى لتناثر المكسرات على الطاولة و ذهبت ، تمشي بغضب . !!!
عساهُ خيراً .. ماذا بكِ ؟
فانهارت باكية و هي تتحشرج قائلة : الحذاء ذو الكعب الطويل ، أريد إرتداءه غداً ، و اكتشفت أن كعبه مكسور ، - هذه المعقدة تبكي من أجل حذاء - نهضت من فوري عنها و دون كلمة ، و حين رأيت الحذاء ، رأيت أن أمره بسيط ، مسمار صغير من هنا ، و كمية من الصمغ ، و كل ذلك سيكون باتقان و بحرفة ، فهي تعلم أن يدي في هذه الأمور ، جداً جداً محترفة و دقيقة ، و في صباح اليوم التالي ، عاد الحذاء كما كان بالضبط ، و لم يبد عليه ، أنه تعرض للكسر و ما شابه ، و لكن أنثاي .. لم ترتديه رغم صلاحيته للإستعمال ، فقد قررت أن ترتدي غيره لأنه لديها قرابة الأربعين حذاء .
بعد يومين رأيت الحذاء مرمي في قمامة المنزل ، و حين سألتها عن السبب ، قالت : لأنك قمت بإعادته كما كان .!!!
... نعم .. معقدة ...
أنا أعلم أنها ، لا تريد مني مساعدتها ، إنما أرادت من قصة الفلم ، أن تغيضني ، و أرادت من قصة الحذاء أن أتعاطف معها ، و أسمعها بينها و بين نفسها و هي تقول : دعني أبكي .. دعني أغضب .. دعني أنفجر .. و لكن لا تأتي بحلول ، إما سخريتك العفوية التي تضحكني أو عاطفتك التي تغمرني بالراحة .. فقط أرجوك ابتعد عن الإتيان بحلول ، لكل معضلة أواجهها .
أنا على علم برغبات أنثاي ، و لكن لا أستطيع التصرف ، بغير ذكورتي ! فهذه طبيعتي .
... ياني خط .. لحظه عيوني ...
فحين أنتهي من الخط الآخر ، و أحاول استرجاع المكالمة الأصلية ، التي بها أنثاي ، تكون غالباً قد أغلقت الهاتف !!
في مطعم " أبل بيز " في الكبينة المقابلة ، لصور الممثلة الراحلة "مارلين مونرو" بعد انتهاءنا من العشاء ، سألتها عن تصرفها معي على الهاتف ، حين يأتيني خط آخر ، مستفسراً عن سبب إنهاءها للمكالمة دون إشعار مسبق ، فأجابت بكل بساطة قائلة : أنت تقول بالضبط (ياني خط .. لحظه عيوني) أتراك في مرة من مئات المرات ، إنتظرت مني كلمة (اوكي) ؟ فلربما لا أريد منك ، أن تجيب على الخط الآخر ، أتراك راعيت هذه المسألة يوماً ؟
كمتورط .. يحاول أن يداعب ، قلت لها : لربما (طال عمره) على الخط .. أرفض المكالمة ساعتها ؟ فأجابت بكل ثقة قائلة : سخيف ..
أحاول أن أغير من جو المشاحنة فأسألها عن تلك التي ملأت صورها الحائط المقابل للكبينة التي نحن بها فأجابت قائلة : طبعاً أعرفها - هذه الخنزيرة الأولى (مارلين مونرو) .
فسألتها .. و من تراها الحنزيرة الثانية ، فأجابت كمن حضر إجابته سلفاً : الخنزيرة الثانية هي (أمورتك نانسي) .
... موعد العشاء ...
لم أكن أحمل الأطباق الى المطبخ ، بعد انتهائنا من الطعام ، إلا كي أداعب أنثاي بمحادثات ودية ، تحظى من خلالها ، على الإهتمام و الرعاية و التقدير ، و تلك ليست بمهمة رسمية يومية ، لأن أنثاي كانت تصر ، أن هذا واجبها و هي تفعله بامتنان ، و في إحدى الأيام ، تعرضت لخسارة مادية كبيرة جداً ، قد تهدد أمن هذا البيت الآمن ، فلم أستسغ طعم العشاء ، و لم أتذوق لذته ، و لم أشأ أن أخبر أنثاي ، عن واقعة الخسارة ، لأني لا أريد أن أربكها ، فنهضت عن المائدة بتثاقل ، و لم أكن أعلم أن أنثاي ، واجهت في ذات اليوم ، ضغوطاً من ذويها ، و لاحقاً على الفراش ، قلت لها - تصبحين على خير - فقالت : كيف سأصبح على خير و أنا أعامل كخادمة في هذا المنزل .
على الفور تذكرت وصاية أمي .. و ردات فعل أبي
أنثاي .. المعقدة .. أتمنى أن أراكِ تبتسمين ممتنة .. لأني لا أشبه أبي
الجزء الثاني من سلسلة ابتسامات .
اخوكم عايش
" الريال لازم يكون حشيم ، يحتاي ما يخلي حرمته ، تمشيه على هواها ، بنات هالأيام ما يعرفن يوجبن رياييلهن ، و الريال إذا سكت عن حرمته ، في كل صغيره و كبيره ، تالي بتبرك على راسه ، خلاف عياله ما بيسووله قدر .. تسمعنيه ابويه ؟"
... كح كحح هاااإإإحم ...
إن من المآسي أن تحاول ، إعادة صياغة نفسك ، كي لا تكون كأباك ، كأبيك حين يعامل أمك بقسوة ، فأنت على الدوام ، تعد نفسك بأن معاملتك ، لعائلتك الصغيرة ، ستكون جداً مختلفة ، و ستتبع أبسط الطرق لمعاملتهم ، و تود أن تكسب محبتهم لك قبل احترامهم .
ذات مساء .. كان الأرز الذي طهته أمي ، على غير مزاج مذاق أبي ، فما كان منه ، سوى أن هرس الأرز بين أصابعه ، و قال لها : إني أشقى .. إني تعِب .. كل ذلك لكم .. ألا أستحق أن أتلذذ بوجباتي .. فقلب الطبق رأساً على عقب ، و نهض معلناً حرباً ، قد تنتهي في آخر المساء ، و قد تدوم لحول كامل .
بكت أمي ، و قالت : و أنا ! ألست بتعبة ؟ .. ألا أجتهد في هذا المنزل كخادمة ؟.. أسهر على راحتكم ، و أتعب من أجل سعادتكم .. ملابسكم .. أكلكم .. شربكم .. صحتكم .. رعايتكم ؟؟؟
إنهارت أمي ، و ما بيدي حيلة ، سوى أن أعد نفسي ، أن لا أكون كأبي .
... ما شاء الله .. شو طابختلنا اليوم ؟ ...
إن أنثاي حين تقوم بالطهي ، لديها سيناريو جميل ، يغمرني سعادة ، فحين تذر الملح تتمتم قائلة - ذرة سعادة - و حين تذر البهارات ، تتمتم هامسة - ذرة حنان - و حين يأتي دور تقليب مكونات القِدر ، تتمتم مبتسمة - من أجل حبنا - و هكذا حتى تنتهي ، و من إحدى مقولاتها الجميلة ، تقول : لو أن حرارة القِدر ، تعطيني مجالاً لاحتضانه . لفعلت !
أنثاي جامعية ، و لكنها ليست بمثقفة ، تؤمن بالعواطف و لكنها معقدة ، تعجبني فلسفاتها السطحية ، و لكن للأسف فبالرغم من سطحية تلك الفلسفات ، إلا أني لا زلت أجهلها ، و لا يستطيع عقلي استيعابها ، ذلك و أنا المثقف اللماح !
فماذا يعني أن تتمتم و هي تطهو ؟ في نظري لذلك هو الجنون بعينه ، و ليس مجرد ضرب منه ، أوترى الأكل ستزداد حلاوته ! أم أنه سيستوي جيداً ؟ و ماذا لو فقدت هذه المعقدة عقلها يوماً ، و احتضنت القِدر فعلاً ؟ عندما أتذوق طهوها اللذيذ ، لا أشعر بكل ما تمتمت به ، كل ما أشعر به ، أن معدتي تمتلئ - فقط لا غير - و لا أذكر بعد تلك الوجبة ، سوى أنها كانت لذيذة .
فلنكن واقعيين قليلاً ، فلو أنها تمتمت ، دون أن تضع البهارات ، هل يا ترى سيكون الأكل لذيذاً ؟
... معرض الجواتي ...
في إحدى الليالي ، و أنا أتابع فلم أجنبي أعشقه إسمه " Leon - The Professional " دخلت أنثاي لغرفة المعيشة ، تتأفف متذمرة ، و أخذت جهاز التحكم ، من يدي بقوة - كما أذكر أن أظافر يداها كادت تجرحني - و بدأت تأخِر الفيلم و تقدمه ، و أنا أتساءل بيني و بين نفسي (ما بالُ هذه المعقدة - إنها قصة جديدة من العقد !) .
أفففف أين ذلك المشهد ، الذي كانت فيه الفتاة الصغيرة ، تسأل البطل Leon عن إسمه ؟ فقلت لها ناوليني جهاز التحكم ، و سأظهره لكِ ، فبدى تذمرها بصورة أكبر و أبشع ، و قالت : أنتم الرجال ما بكم ؟ .. رمت الجهاز على طبق المكسرات ، مما أدى لتناثر المكسرات على الطاولة و ذهبت ، تمشي بغضب . !!!
عساهُ خيراً .. ماذا بكِ ؟
فانهارت باكية و هي تتحشرج قائلة : الحذاء ذو الكعب الطويل ، أريد إرتداءه غداً ، و اكتشفت أن كعبه مكسور ، - هذه المعقدة تبكي من أجل حذاء - نهضت من فوري عنها و دون كلمة ، و حين رأيت الحذاء ، رأيت أن أمره بسيط ، مسمار صغير من هنا ، و كمية من الصمغ ، و كل ذلك سيكون باتقان و بحرفة ، فهي تعلم أن يدي في هذه الأمور ، جداً جداً محترفة و دقيقة ، و في صباح اليوم التالي ، عاد الحذاء كما كان بالضبط ، و لم يبد عليه ، أنه تعرض للكسر و ما شابه ، و لكن أنثاي .. لم ترتديه رغم صلاحيته للإستعمال ، فقد قررت أن ترتدي غيره لأنه لديها قرابة الأربعين حذاء .
بعد يومين رأيت الحذاء مرمي في قمامة المنزل ، و حين سألتها عن السبب ، قالت : لأنك قمت بإعادته كما كان .!!!
... نعم .. معقدة ...
أنا أعلم أنها ، لا تريد مني مساعدتها ، إنما أرادت من قصة الفلم ، أن تغيضني ، و أرادت من قصة الحذاء أن أتعاطف معها ، و أسمعها بينها و بين نفسها و هي تقول : دعني أبكي .. دعني أغضب .. دعني أنفجر .. و لكن لا تأتي بحلول ، إما سخريتك العفوية التي تضحكني أو عاطفتك التي تغمرني بالراحة .. فقط أرجوك ابتعد عن الإتيان بحلول ، لكل معضلة أواجهها .
أنا على علم برغبات أنثاي ، و لكن لا أستطيع التصرف ، بغير ذكورتي ! فهذه طبيعتي .
... ياني خط .. لحظه عيوني ...
فحين أنتهي من الخط الآخر ، و أحاول استرجاع المكالمة الأصلية ، التي بها أنثاي ، تكون غالباً قد أغلقت الهاتف !!
في مطعم " أبل بيز " في الكبينة المقابلة ، لصور الممثلة الراحلة "مارلين مونرو" بعد انتهاءنا من العشاء ، سألتها عن تصرفها معي على الهاتف ، حين يأتيني خط آخر ، مستفسراً عن سبب إنهاءها للمكالمة دون إشعار مسبق ، فأجابت بكل بساطة قائلة : أنت تقول بالضبط (ياني خط .. لحظه عيوني) أتراك في مرة من مئات المرات ، إنتظرت مني كلمة (اوكي) ؟ فلربما لا أريد منك ، أن تجيب على الخط الآخر ، أتراك راعيت هذه المسألة يوماً ؟
كمتورط .. يحاول أن يداعب ، قلت لها : لربما (طال عمره) على الخط .. أرفض المكالمة ساعتها ؟ فأجابت بكل ثقة قائلة : سخيف ..
أحاول أن أغير من جو المشاحنة فأسألها عن تلك التي ملأت صورها الحائط المقابل للكبينة التي نحن بها فأجابت قائلة : طبعاً أعرفها - هذه الخنزيرة الأولى (مارلين مونرو) .
فسألتها .. و من تراها الحنزيرة الثانية ، فأجابت كمن حضر إجابته سلفاً : الخنزيرة الثانية هي (أمورتك نانسي) .
... موعد العشاء ...
لم أكن أحمل الأطباق الى المطبخ ، بعد انتهائنا من الطعام ، إلا كي أداعب أنثاي بمحادثات ودية ، تحظى من خلالها ، على الإهتمام و الرعاية و التقدير ، و تلك ليست بمهمة رسمية يومية ، لأن أنثاي كانت تصر ، أن هذا واجبها و هي تفعله بامتنان ، و في إحدى الأيام ، تعرضت لخسارة مادية كبيرة جداً ، قد تهدد أمن هذا البيت الآمن ، فلم أستسغ طعم العشاء ، و لم أتذوق لذته ، و لم أشأ أن أخبر أنثاي ، عن واقعة الخسارة ، لأني لا أريد أن أربكها ، فنهضت عن المائدة بتثاقل ، و لم أكن أعلم أن أنثاي ، واجهت في ذات اليوم ، ضغوطاً من ذويها ، و لاحقاً على الفراش ، قلت لها - تصبحين على خير - فقالت : كيف سأصبح على خير و أنا أعامل كخادمة في هذا المنزل .
على الفور تذكرت وصاية أمي .. و ردات فعل أبي
أنثاي .. المعقدة .. أتمنى أن أراكِ تبتسمين ممتنة .. لأني لا أشبه أبي
الجزء الثاني من سلسلة ابتسامات .
اخوكم عايش