ناصر الخالدي
19-03-06 ||, 05:50 AM
تحت سقف الذل والإنكسار ينامون دون غطاء أو فراش...... يحاصرهم البرد ويداهمهم الليل وتفزعهم الأحلام المرعبة والكوابيس المخيفه........ الخوف من كل شيء الخوف من الجوع والخوف من الحاجة والخوف من الصباح وما يحمل من مفاجأة وكثيرًا ما يكون الصبح موعد للإنطلاق ربما للبحث عن العمل او ربما للسؤال والبحث عمن يساعدهم ..........
فقراء يبحثون عن خبز الحياة بأي صورة من الصور وبأي شكل من الأشكال يبحثون عن سلة قمح تجعلهم على قيد الحياة وعن حصير يعيشون تحته ويتظللون بظلاله وعن وجوه تبتسم لهم فتعيد لهم الأمل........
الفقر هو من جعلهم ضعفاء يمرون على الأبواب ويطرقونها بكل خوف ربما فتحت لهم وربما أقفلت بوجوههم وربما جاد من خلف الباب تارة ونهرهم تارة أخرى وكم من فقير طرق الباب ولم يجد إلا المذلة والهوان فخرج يمشي وهو يقول بنفسه الى أين ؟ وربما وصل الى حيث لا يريد ..........
لا أمل في وجود فرصة للعمل ولا أمل في وجود مسكن يتناسب مع عسر الحال ولا أمل في من يقدم لهم مساعدة تخفف عنهم عبء الحياة وترسم على وجوههم البسمة وتتراكم الديوان ويضيق الحال حتى يتمكن اليأس منهم فلا يوجد حل إلا السؤال..........
وماذا تفعل اسرة مات والدهم قبل عشرة أعوام وبقيت أمهم تقوم على تربيتهم مما ترك لهم والدهم وانتهى كل شيء وليس لديهم من يتكفل بأمرهم فأكبر أولادها يبلغ من العمر احدى عشر عام والبقية بنات والدلائل كلها تشير الى أن لا حل ولا اختيار إلا السؤال هنا تأخذ الأم أطفالها وتذهب بهم الى أحدى المساجد وتجلس الى جانبهم والخوف بأعينهم والذل يسيطر على ملامحهم فما أن يسلم الإمام حتى تبدأ قلوبهم تخفق كأجنحة الطيور الخائفة وعيونهم تنظر الى ايدي المصلين ........الأم تنظر الى الأرض والطفل ينظر الى أخته والأخت تنظر الى أمها .........
انتهت الصلاة وخرج المصلين وكانت الأم تجلس عند أحذيتهم فربما نظرت إلى أحد الأحذية وانكسرت حزنــًا وألمًا وجاء أحد المحسنين وابتسم لهم وتصدق عليهم وتركهم وشأنهم وجاء الآخر وقال انهم متسولون وتركهم وهو مكتئب ولسان حاله يقول لماذا لا يتم مطاردتهم ولم يدري أنه الفقر وانها الحاجة هي من أتت بهم الى هنا فلا أحد يرضى بأن يجلس على ابواب الناس ويسألهم ........
تمضى والأيام ويكبر الطفل ويخرج الى معترك الحياة بروح الأمل يبحث عن عمل ليثأر لأمه من ذل الحياة وقساوة القدر ولا يجد إلا رجل يستقبله بإبتسامة خبيثة خلفها حكاية مؤلمة فهذا الرجل يريد هذا الطفل لأنه ارخص من حيث الأجر ولأنه مسكين لا يستطيع ان يأخذ حقه أو يدافع عن نفسه وهنا يبدأ الطفل الصغبر بالعمل ويجتهد حتى تصبح حياته عمل واجتهاد ومثابرة والأجر قليل لا يكفي سد الحاجة ولكنهما اختياران ولا ثالث بينهما العمل أو السؤال ........
فقراء ليس لهم وطن وليس لديهم حكومات فهم متشردين وليس لهم أحلام فهم محرومين يجوعون فلا يريدون إلا الخبز ويعطشون فلا يريدون إلا الماء ويمرضون فلا يجدون من يدفع فاتورة الدواء فالرسوم اجبارية ولا علاج إلا برسوم ...........فربما مرضت العجوز المسكينة وجاءت تجر الخطى الى المستشفى ووقفت في خشوع وسكينة امام الكاتب وطلبت منه الدخول فطلب منها اثبات ولكنها لا تملك هنا سيطلب الكاتب المحترم من هذه العجوز المسكينة الرسوم المستحقه لتنظر العجوز الى هذا الرجل نظرة عطف ورجاء ولكن لا ينفع الرجاء مع الجبناء يا سيدتي العجوز .......
هؤلاء الفقراء الذين يعيشون بلا وطن يعيشون بلا هوية فكل شيء أمامهم ضياع والمستقبل عندهم مخيف والخوف عندهم عادة لكثرة ما سكن الخوف أنفسهم فالفقر يطاردهم والحاجة تطاردهم والحكومة تقمعهم والناس يتنظرون إليهم نظرة إزدراء وكم من مسكين يفوق بعقله كثير من الأغنياء .................
الفقر قصة مؤلمة من ابواب متفرقة ففي احد فصول الفقر نظرت الفتاة المسكينة الى صديقتها وكل واحدة منهن قد تزوجت وانجبت أطفال إلا هي لم تتزوج لأنها فقيرة فلا احد يرغب بها وعلى الرغم من انها جميلة الوجه صافية البشرة واسعة العينين إلا أن كل الذين أتوا اليها يردونها طمع واستغلال وليس حب واحترام وقد كان يتردد عليها رجل من رجالات الدولة وكان احد الأغنياء المشهورين بتبني الأعمال الخيرية لكنه أتى إليها ليساومها في عِـــرضها يعطيها المال ويأخذ العرض وكم حاولت التخلص منه ولكن لا فائدة وفي لحظة من لحظات الضعف والإنكسار تقرر الفتاة أن توافق ويأخذ الرجل ما يريد ويتمادى ويطمع بالمزيد ويترك الفتاة ومعها جنين سيضاف الى سجل الفقراء .........................
أليس محزن ان يموت الكثير من الأطفال المسلمين جوعــًا وعطشـــًا ونحن نشاهدهم ولا نفعل لهم شيئــًا ؟ أليس من المحزن أن تنهار امرأة من الجوع وتولد طفلها وتموت وقد حدث فيقول الشيخ عبدالرحمن السميط ذلك الرجال الذي وهب حياته لمساعدة المحتاجين من بلاد افريقيا انه كثير ما شاهد امرأة تلد طفلها ثم تموت ويضيف قائلاً كثير ما ماتوا بين يدي أطفال .............
عندما يجوع الإنسان وتدمع عين الأم وينكسر قلب الأب ويصرخ الطفل الرضيع من الجوع فيجف الثدي وتجف معه الحياة هنا يكشر الفقر عن انيابه فيموت الطفل وتموت معه المسرات ..............
أليس كثيرًا ما نختلف بيننا على ما نأكله وما لا نأكله وما نشتهيه وما لا نشتهيه وما نريده وما لا نريده فهذا يريد وجبة سريعة وهذا يريد أكلة غريبة وهذا يريد عصير طبيعي وهذا يريد البيبسي أما ذلك فريد عصير في ذلك المطعم وكثير من الخلافات والإختلافات على ابسط الاشياء واتفهها ...........................
أليس كثيرًا ما نختلف على لون الجدران في المنزل فالوالده تريد اللون الأخضر والوالد يعارض الفكرة وربما امتد الشجار الى أن وصل الى المقاطعة او امتد الى اروقة المحاكم وانتهى بالطلاق وعلى الخريطة في الجهة المقابلة في احد البلدان الأفريقة تعيش أسرة كاملة في عشة صغيرة يرتدون ملابسهم لمدة اسبوع أو أكثر أليس كثيرًا ما نختلف على ماذا نلبس في الغد الأصفر أم الأحمر أم الأخضر أم الأزرق ومع كثرة الخيارات يبقى التردد هو سيد الموقف أما الفقراء فلا يلبسون إلا جلودهم .......
لقد حدثني الشيخ الداعية أحمد القطان أن بعض المواقف التي شاهدها في الجزائز حيث يقول دخلت الى الجزائر فرأيت الناس يقفون طوابير أمام بعض الأماكن المخصصة للمواد الغذائية فسألت ماهذا فقالوا لي هكذا هو النظام في الجزائر هذا طابور للطماطم وهذا للقمح وهذا للبطاطس وهكذا هي الحياة يقول الشيخ القطان الطابور ابعد من مد النظر والموقف مؤلم للغاية ويضيف قائلاً هنا احببت أن ارى بعيني كيف يعيش أهل الجزائر فخرجت من الفندق وذهبت الى احد الجزائرين وطلبت منه ان اقيم عنده الليلة أنا وضيفي فوافق الرجل ونزل الشيخ ومرافقه الى بيت الرجل فيقول وجدت البيت ضيق المساحة يتكون من غرفتين يفصل بينهما حاجز من خشب وقدم الرجل لنا فراش واحد وفي الصباح قمنا فوجدنا الرجل مريض فسألنه عن السبب فقال فوالله ما عندنا غير هذا الفراش ننام به جميعــًا وقد اعطيناكم إياه البارحة ويقول الشيخ سالته عن الحاجز الخشبي وكيف ينام مع زوجته في نفس الغرفة التي ينام بها الأطفال فقال الرجل نعيش على الهمس .........أما نحن فنعيش في بيوت من غرف متعددة ومن اسرة جميلة ومن طوابق متعددة وكم تضايق أحدهم لأنه لم يحصل على بيت في رأس الشارع وكم حزنت امرأة لأنها لا تملك بيت كالبيت التي تملكه أم فلان
هذه هي الحياة تحمل بين طياتها الكثير الكثير من المواقف المؤلمة والقصص المحزنة ولا زلت اذكر ذلك الطفل الذي كان يركض على احد الطرقات وهو ينظر الى شاشة الباصات يبحث عن رقم معين لكي يذهب الى المدرسة وكم تأخر ليذهب الباص دون هذا الطفل ويعود الى المنزل وهو مكتئب او ربما أصر على الذهاب وراح بمركبة القدم يسير على قدميه وربما تأخر بعض الشيء وقد عاقبه المدرس ولكنه كفاح الفقراء ............. دخل الى المدرسة وهو متعب أشد التعب وقد يقرع جرس الفرصة معلنــًا فترة الراحة ويخرج الأطفال الى الساحة ويزدحم الجميع على ابواب المقصف إلا هو يقف ليشرب قليل من الماء وماذا يفيد الماء إذا كان الطفل الجائع وتتكر المأساة في نهاية المدرسة بصورة مختلفة يقف هذا المسكين تحت أشعة الشمس ينتظر الباص وكم حاول أن يحتمي بظل الشجر ولكن لا فائدة ...................
الفقر اعمى لا يعرف طفل او امرأة او شيخ انه يكتسح الجميع فيمت الطفل ويذل المرأة ويجعل الشيخ يتخبط واذكر اني في احد ايام الشتاء الباردة وكانت الساعة الرابعة فجرًا صادفت في طريقي رجلٌ طاعن في السن يتوكأ على عصاته وقد احدودب الظهر وخف النظر كان يمشي على قدميه وكنت أنا بسيارتي وكان هو يعاني من البرد وكنت أنا استمتع بالجو وقفت الى هذا الشيخ المسن وسألته هل تريد مساعدة يا عماه ؟
أجابني إجابة جعلتني أقلب صفحات التاريخ في دقيقة واحدة ابحث عن مكان لهذه الإجابة فقد سألني عن اسمي وعن نسبي وبعدها قال لي أنه ذاهب الى محطة الموصلات هناك ينتظر الباص وبعدها يذهب لسوق الأغنام وبعد كر وفر واقف الشيخ ان يذهب معي وفي الطريق تحدث عن الدنيا وعن الفقر وعن الحاجة وبعض المصطلحات التي لا يعرفها إلا الفقراء أنفسهم انه رجل يعرف معنى الحياة ما ان وقفنا عند بوابة السوق وكان الظلام هو المشهد المعروض حتى اصر الشيخ على نزولي والإفطار معه إنه كرم الفقراء ............
فقراء لا يردون من الحياة إلا قليل اضواؤهم الشموع تشعلها الأحزان وتطفؤها الدموع وكلماتهم من قامويس الإستعطاف والرجاء وآمالهم العيش كغيرهم من البشر الإحساس بالأمن أكبر أمنياتهم والتطلع الى النجاح أكثر رغباتهم ..........
طفلة فقيرة تحمل حقيبتها وهي تبتسم قبل ان تدخل الى المدرسة تقبل والدتها وتدخل وقد لفتت انتباه المعلمات جميعــًا بذكائها وحدة انتباهها وفي احد الأيام أتت الطفلة لتعبر الشارع فدهسها أحد الأغنياء المستهترين وتركها على الأرض تلفظ أنفسها الأخيرة وقد جاء أحدهم ووجد الحقيبة على الأرض وعندما فتحهها لم يجد بها سوى قلم مكسور يدل على فقرها وينم عن ذكائها ...........
إذا كنت تجد كل شيء فلماذا لا تجعل بعض الأشياء لهم وتحتسب الآجر سيأتي العيد ويقف طفل من الأطفال الفقراء ينتظر من يداعبه كباقي الأطفال .........
إذا كان يزعجك الحر فماذا تفعل اسرة يزعجها الحر والبرد معــًا فالشتاء برد قارص والصيف حر قاتل ولا يريدون إلا من يتصدق عليهم .......
إذا كنت تفكر بشراء سيارة جديدة فأنا أبارك لك ولكن تذكر هناك مسلمين يريدون شراء حمار يحملون عليه أمتعتهم ولكن لا يستطيعون ...........
سأل الطفل أمه ذات يوم لماذا لا نأكل مثل ما يأكل الناس ؟
فقالت الأم لأننا فقراء
فقال الولد ولماذا نحن فقراء ؟
لم تستطيع الأم أن تجيبه فتكلم الزمن بلغة الجبابرة الأقوياء
الى هنا تسقط نقطة حبر أخيرة لتعانق دموع الفقراء والمساكين ...........
لقد رأيت الكثير من القصص والمواقف التي ألمتني لذلك نذرت نفسي للمساكين والفقراء والأيتام والحياة لا تكون إلا للشرفاء ........
ملاحظة @@ الفقر مع شرف النفس أفضل من الغنى مع الذل والهوان
ناصر الخالدي
فقراء يبحثون عن خبز الحياة بأي صورة من الصور وبأي شكل من الأشكال يبحثون عن سلة قمح تجعلهم على قيد الحياة وعن حصير يعيشون تحته ويتظللون بظلاله وعن وجوه تبتسم لهم فتعيد لهم الأمل........
الفقر هو من جعلهم ضعفاء يمرون على الأبواب ويطرقونها بكل خوف ربما فتحت لهم وربما أقفلت بوجوههم وربما جاد من خلف الباب تارة ونهرهم تارة أخرى وكم من فقير طرق الباب ولم يجد إلا المذلة والهوان فخرج يمشي وهو يقول بنفسه الى أين ؟ وربما وصل الى حيث لا يريد ..........
لا أمل في وجود فرصة للعمل ولا أمل في وجود مسكن يتناسب مع عسر الحال ولا أمل في من يقدم لهم مساعدة تخفف عنهم عبء الحياة وترسم على وجوههم البسمة وتتراكم الديوان ويضيق الحال حتى يتمكن اليأس منهم فلا يوجد حل إلا السؤال..........
وماذا تفعل اسرة مات والدهم قبل عشرة أعوام وبقيت أمهم تقوم على تربيتهم مما ترك لهم والدهم وانتهى كل شيء وليس لديهم من يتكفل بأمرهم فأكبر أولادها يبلغ من العمر احدى عشر عام والبقية بنات والدلائل كلها تشير الى أن لا حل ولا اختيار إلا السؤال هنا تأخذ الأم أطفالها وتذهب بهم الى أحدى المساجد وتجلس الى جانبهم والخوف بأعينهم والذل يسيطر على ملامحهم فما أن يسلم الإمام حتى تبدأ قلوبهم تخفق كأجنحة الطيور الخائفة وعيونهم تنظر الى ايدي المصلين ........الأم تنظر الى الأرض والطفل ينظر الى أخته والأخت تنظر الى أمها .........
انتهت الصلاة وخرج المصلين وكانت الأم تجلس عند أحذيتهم فربما نظرت إلى أحد الأحذية وانكسرت حزنــًا وألمًا وجاء أحد المحسنين وابتسم لهم وتصدق عليهم وتركهم وشأنهم وجاء الآخر وقال انهم متسولون وتركهم وهو مكتئب ولسان حاله يقول لماذا لا يتم مطاردتهم ولم يدري أنه الفقر وانها الحاجة هي من أتت بهم الى هنا فلا أحد يرضى بأن يجلس على ابواب الناس ويسألهم ........
تمضى والأيام ويكبر الطفل ويخرج الى معترك الحياة بروح الأمل يبحث عن عمل ليثأر لأمه من ذل الحياة وقساوة القدر ولا يجد إلا رجل يستقبله بإبتسامة خبيثة خلفها حكاية مؤلمة فهذا الرجل يريد هذا الطفل لأنه ارخص من حيث الأجر ولأنه مسكين لا يستطيع ان يأخذ حقه أو يدافع عن نفسه وهنا يبدأ الطفل الصغبر بالعمل ويجتهد حتى تصبح حياته عمل واجتهاد ومثابرة والأجر قليل لا يكفي سد الحاجة ولكنهما اختياران ولا ثالث بينهما العمل أو السؤال ........
فقراء ليس لهم وطن وليس لديهم حكومات فهم متشردين وليس لهم أحلام فهم محرومين يجوعون فلا يريدون إلا الخبز ويعطشون فلا يريدون إلا الماء ويمرضون فلا يجدون من يدفع فاتورة الدواء فالرسوم اجبارية ولا علاج إلا برسوم ...........فربما مرضت العجوز المسكينة وجاءت تجر الخطى الى المستشفى ووقفت في خشوع وسكينة امام الكاتب وطلبت منه الدخول فطلب منها اثبات ولكنها لا تملك هنا سيطلب الكاتب المحترم من هذه العجوز المسكينة الرسوم المستحقه لتنظر العجوز الى هذا الرجل نظرة عطف ورجاء ولكن لا ينفع الرجاء مع الجبناء يا سيدتي العجوز .......
هؤلاء الفقراء الذين يعيشون بلا وطن يعيشون بلا هوية فكل شيء أمامهم ضياع والمستقبل عندهم مخيف والخوف عندهم عادة لكثرة ما سكن الخوف أنفسهم فالفقر يطاردهم والحاجة تطاردهم والحكومة تقمعهم والناس يتنظرون إليهم نظرة إزدراء وكم من مسكين يفوق بعقله كثير من الأغنياء .................
الفقر قصة مؤلمة من ابواب متفرقة ففي احد فصول الفقر نظرت الفتاة المسكينة الى صديقتها وكل واحدة منهن قد تزوجت وانجبت أطفال إلا هي لم تتزوج لأنها فقيرة فلا احد يرغب بها وعلى الرغم من انها جميلة الوجه صافية البشرة واسعة العينين إلا أن كل الذين أتوا اليها يردونها طمع واستغلال وليس حب واحترام وقد كان يتردد عليها رجل من رجالات الدولة وكان احد الأغنياء المشهورين بتبني الأعمال الخيرية لكنه أتى إليها ليساومها في عِـــرضها يعطيها المال ويأخذ العرض وكم حاولت التخلص منه ولكن لا فائدة وفي لحظة من لحظات الضعف والإنكسار تقرر الفتاة أن توافق ويأخذ الرجل ما يريد ويتمادى ويطمع بالمزيد ويترك الفتاة ومعها جنين سيضاف الى سجل الفقراء .........................
أليس محزن ان يموت الكثير من الأطفال المسلمين جوعــًا وعطشـــًا ونحن نشاهدهم ولا نفعل لهم شيئــًا ؟ أليس من المحزن أن تنهار امرأة من الجوع وتولد طفلها وتموت وقد حدث فيقول الشيخ عبدالرحمن السميط ذلك الرجال الذي وهب حياته لمساعدة المحتاجين من بلاد افريقيا انه كثير ما شاهد امرأة تلد طفلها ثم تموت ويضيف قائلاً كثير ما ماتوا بين يدي أطفال .............
عندما يجوع الإنسان وتدمع عين الأم وينكسر قلب الأب ويصرخ الطفل الرضيع من الجوع فيجف الثدي وتجف معه الحياة هنا يكشر الفقر عن انيابه فيموت الطفل وتموت معه المسرات ..............
أليس كثيرًا ما نختلف بيننا على ما نأكله وما لا نأكله وما نشتهيه وما لا نشتهيه وما نريده وما لا نريده فهذا يريد وجبة سريعة وهذا يريد أكلة غريبة وهذا يريد عصير طبيعي وهذا يريد البيبسي أما ذلك فريد عصير في ذلك المطعم وكثير من الخلافات والإختلافات على ابسط الاشياء واتفهها ...........................
أليس كثيرًا ما نختلف على لون الجدران في المنزل فالوالده تريد اللون الأخضر والوالد يعارض الفكرة وربما امتد الشجار الى أن وصل الى المقاطعة او امتد الى اروقة المحاكم وانتهى بالطلاق وعلى الخريطة في الجهة المقابلة في احد البلدان الأفريقة تعيش أسرة كاملة في عشة صغيرة يرتدون ملابسهم لمدة اسبوع أو أكثر أليس كثيرًا ما نختلف على ماذا نلبس في الغد الأصفر أم الأحمر أم الأخضر أم الأزرق ومع كثرة الخيارات يبقى التردد هو سيد الموقف أما الفقراء فلا يلبسون إلا جلودهم .......
لقد حدثني الشيخ الداعية أحمد القطان أن بعض المواقف التي شاهدها في الجزائز حيث يقول دخلت الى الجزائر فرأيت الناس يقفون طوابير أمام بعض الأماكن المخصصة للمواد الغذائية فسألت ماهذا فقالوا لي هكذا هو النظام في الجزائر هذا طابور للطماطم وهذا للقمح وهذا للبطاطس وهكذا هي الحياة يقول الشيخ القطان الطابور ابعد من مد النظر والموقف مؤلم للغاية ويضيف قائلاً هنا احببت أن ارى بعيني كيف يعيش أهل الجزائر فخرجت من الفندق وذهبت الى احد الجزائرين وطلبت منه ان اقيم عنده الليلة أنا وضيفي فوافق الرجل ونزل الشيخ ومرافقه الى بيت الرجل فيقول وجدت البيت ضيق المساحة يتكون من غرفتين يفصل بينهما حاجز من خشب وقدم الرجل لنا فراش واحد وفي الصباح قمنا فوجدنا الرجل مريض فسألنه عن السبب فقال فوالله ما عندنا غير هذا الفراش ننام به جميعــًا وقد اعطيناكم إياه البارحة ويقول الشيخ سالته عن الحاجز الخشبي وكيف ينام مع زوجته في نفس الغرفة التي ينام بها الأطفال فقال الرجل نعيش على الهمس .........أما نحن فنعيش في بيوت من غرف متعددة ومن اسرة جميلة ومن طوابق متعددة وكم تضايق أحدهم لأنه لم يحصل على بيت في رأس الشارع وكم حزنت امرأة لأنها لا تملك بيت كالبيت التي تملكه أم فلان
هذه هي الحياة تحمل بين طياتها الكثير الكثير من المواقف المؤلمة والقصص المحزنة ولا زلت اذكر ذلك الطفل الذي كان يركض على احد الطرقات وهو ينظر الى شاشة الباصات يبحث عن رقم معين لكي يذهب الى المدرسة وكم تأخر ليذهب الباص دون هذا الطفل ويعود الى المنزل وهو مكتئب او ربما أصر على الذهاب وراح بمركبة القدم يسير على قدميه وربما تأخر بعض الشيء وقد عاقبه المدرس ولكنه كفاح الفقراء ............. دخل الى المدرسة وهو متعب أشد التعب وقد يقرع جرس الفرصة معلنــًا فترة الراحة ويخرج الأطفال الى الساحة ويزدحم الجميع على ابواب المقصف إلا هو يقف ليشرب قليل من الماء وماذا يفيد الماء إذا كان الطفل الجائع وتتكر المأساة في نهاية المدرسة بصورة مختلفة يقف هذا المسكين تحت أشعة الشمس ينتظر الباص وكم حاول أن يحتمي بظل الشجر ولكن لا فائدة ...................
الفقر اعمى لا يعرف طفل او امرأة او شيخ انه يكتسح الجميع فيمت الطفل ويذل المرأة ويجعل الشيخ يتخبط واذكر اني في احد ايام الشتاء الباردة وكانت الساعة الرابعة فجرًا صادفت في طريقي رجلٌ طاعن في السن يتوكأ على عصاته وقد احدودب الظهر وخف النظر كان يمشي على قدميه وكنت أنا بسيارتي وكان هو يعاني من البرد وكنت أنا استمتع بالجو وقفت الى هذا الشيخ المسن وسألته هل تريد مساعدة يا عماه ؟
أجابني إجابة جعلتني أقلب صفحات التاريخ في دقيقة واحدة ابحث عن مكان لهذه الإجابة فقد سألني عن اسمي وعن نسبي وبعدها قال لي أنه ذاهب الى محطة الموصلات هناك ينتظر الباص وبعدها يذهب لسوق الأغنام وبعد كر وفر واقف الشيخ ان يذهب معي وفي الطريق تحدث عن الدنيا وعن الفقر وعن الحاجة وبعض المصطلحات التي لا يعرفها إلا الفقراء أنفسهم انه رجل يعرف معنى الحياة ما ان وقفنا عند بوابة السوق وكان الظلام هو المشهد المعروض حتى اصر الشيخ على نزولي والإفطار معه إنه كرم الفقراء ............
فقراء لا يردون من الحياة إلا قليل اضواؤهم الشموع تشعلها الأحزان وتطفؤها الدموع وكلماتهم من قامويس الإستعطاف والرجاء وآمالهم العيش كغيرهم من البشر الإحساس بالأمن أكبر أمنياتهم والتطلع الى النجاح أكثر رغباتهم ..........
طفلة فقيرة تحمل حقيبتها وهي تبتسم قبل ان تدخل الى المدرسة تقبل والدتها وتدخل وقد لفتت انتباه المعلمات جميعــًا بذكائها وحدة انتباهها وفي احد الأيام أتت الطفلة لتعبر الشارع فدهسها أحد الأغنياء المستهترين وتركها على الأرض تلفظ أنفسها الأخيرة وقد جاء أحدهم ووجد الحقيبة على الأرض وعندما فتحهها لم يجد بها سوى قلم مكسور يدل على فقرها وينم عن ذكائها ...........
إذا كنت تجد كل شيء فلماذا لا تجعل بعض الأشياء لهم وتحتسب الآجر سيأتي العيد ويقف طفل من الأطفال الفقراء ينتظر من يداعبه كباقي الأطفال .........
إذا كان يزعجك الحر فماذا تفعل اسرة يزعجها الحر والبرد معــًا فالشتاء برد قارص والصيف حر قاتل ولا يريدون إلا من يتصدق عليهم .......
إذا كنت تفكر بشراء سيارة جديدة فأنا أبارك لك ولكن تذكر هناك مسلمين يريدون شراء حمار يحملون عليه أمتعتهم ولكن لا يستطيعون ...........
سأل الطفل أمه ذات يوم لماذا لا نأكل مثل ما يأكل الناس ؟
فقالت الأم لأننا فقراء
فقال الولد ولماذا نحن فقراء ؟
لم تستطيع الأم أن تجيبه فتكلم الزمن بلغة الجبابرة الأقوياء
الى هنا تسقط نقطة حبر أخيرة لتعانق دموع الفقراء والمساكين ...........
لقد رأيت الكثير من القصص والمواقف التي ألمتني لذلك نذرت نفسي للمساكين والفقراء والأيتام والحياة لا تكون إلا للشرفاء ........
ملاحظة @@ الفقر مع شرف النفس أفضل من الغنى مع الذل والهوان
ناصر الخالدي