خنفروش
28-10-05 ||, 09:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هزيع الليل قصة من كتابات الأخ العزيز صدى الونه و هي من القصص التي لاقت قبولا ً عند الجميع لعذوبتها و رقيها \ حفظتها عندي في الفترة التي أنزل فيها القصة في الواحات \ و قبل فترة قصيرة بحثت عنها و عن غيرها من مواضيعه في الواحات فلم أجد إلا اليسير
ثم وجدت هزيع الليل عندي في ملف وورد
و هي الآن بين أيديكم
و جزى الله صدى الونه خير الجزاء
...فـي هــزيــع اللـيـل بــدا أحــمــد كــعــادتـه ..مـلـتـفـا ً حــول شـاشـة الكمبيوتر ِ الذي لا يـفـارقـه ..فـهـو صـديـقـه الـوفـي الذي يـبـوح لـه بـأسـراره . ..ويـحـفـرعـلى وجـهـه خــواطـره وآمــالـه ..ويـشـكـو لـه كـأنـه يـسـمـعـه ُ .. بـل يــحـادثـه ... فـهـو قــد تـعـرف مـن خــلالـه عـلى أصـــدقــاء كــثـر لـم يــرهـم ولـكـن قــد بــدا لـه كـمـا يـظـن أن هــؤلاء . وبــدا الــحــوار عــلى لـسـانـه " لـم يـصادقوني لـمـصـلـحة مــال ٍ أو مـنـصـب ٍ أو غـيـرهـا مـن مـصـالح الــدنـيـا .. لـم يـجـمـعـني مـعـهـم إلا تــجـاذب أطــراف الحــديث .. والحـوارات الجــادة .. بــدأت ُ أخـتـار الـصـديق وأنـتـقـيـه كـمـا أشــاء ..
نـعـم كـونت ُ مـجـمـوعـة مـن الأصدقاء عـبـر غـرف الشــات وعـبـر المـنـتـديـات المـتـنـاثـرة طــولا وعـرضـا ً .. وكـنـت ُ مـنـدفـعـا ً وبـقـوة ٍ إلى هـذه الـصــداقـات .. لا أدري أهـو طـبـعـي الخـجـول الذي مـنـعـني مـن تـكويـن صــداقـات عـبـر الــواقـع . أم هـو الخـوف مـن أن تــلـك الـصدقـات لـن تـدوم .. لأنـهـا كـانت عـلى أســاس المــصــلحـة الــذاتـيـة بـعـيـدا ً عـن المـعـاني الـسـاميـة لــروابـط الـصـداقــة .. أنـا انكفأت ُ عـلى نـفـسـي بـعـيـدا ً عـن صـخـب الحــيـاة وبـريـقـهـا الكــاذب لـعـلي أرى الحــيـاة مـن جــديـد فـي هــذه الآلة الـعـجـيـبـة الـتـي تـفـتـح لي صــدرهـا .. ومـا إن زادت عـلاقـتي بـهـذا الـعـالم الـعـجيب وتـوطـدت بـه .. إلا وبـــدا الــشــك يــســاورنـي بــل يـقـتـلـنـي ..
لـم أظــن أن أولـئـك الـذين لـم أرهـم ولم يـروني .. سـأجـد ُ فـيـهـم الكــاذب والخــائـن والـنـمـام .. واللذي يــبـحث عـن مـصـلـحـتـه ولو بـفـقـد صـديـق ٍ عـزيـز ٍ عـلـيـه؛ فـقـط لـتـحـقـيـق مــآربـه ِ..
بــدأت ُ ألــدغ مــن أصــدقــاء المـسـنـجـر ويــالـهـا مـن لدغت أصــابـت فـي ّ مــقـتـلا ً وجــرحــا ً لا يــنــدمــل ..كـانت الدنـيـا ضـيـقـة فـي عـيـنـي ولـكـنـهـا كــانت تـتـسـع عـنـدمـا أجــلـس بـيـن أحـضـان شـاشـتـي . كـأني أرى الدنــيـا بـأكـمـلـهـا فـتـتـسـع نـفـسـي مـعـهـا ..
ولـكـن وفـي ذات لـيـلـة ٍ بـدأت ُ كـعـادتـي أقــلـب صـفـحـات المـواقـع وأنـا ســارح ٌ فـي هــذا الـعـالم .. فـإذا بـصــديـق ٍ مـن أصــدقـاء المـسـنـجـر قــد دخــل ورحـب بي .. ولـكـن كــان ترحـيـبـه فـاتـرا ً لم أعـهـد مـنـه مـثـل هــذا الـترحـيب .. جــاريـتـه مـتـعـللا أنه قـد يــكـون مـتـضـايـقـا ً أو مـريـضـا ً أو .. فـإذا بـه يـفـاجئني بـسـيـل ٍ مـن ألإتـهـامـات . لم أستــوعـب مـنه شـيـئـا فقد بـدا كـالـسـيل المـنـحـدر مـن مـكان مـرتـفـع .. شـكـكـت ُ فـي نـفـسي بدأت ُ أراجـع نـفـسي لـعـل كـلـمـة مـني خـرجـت من غـيـر قـصـد ٍ ولكن أبدا لا لا فـأنا حـريص عـلى ما يـخـرج مـنـي .. تـداركـت نـفـسي وبـدأت ُ أدافـع عـن نـفـسي وأقـول لـصديـقي : لا تـصـدق مـثـل هـذا الكــلام فـأنـا لـم أتـفـوه بـه ِ .. بـل لـم يـخـطـر لي . وحـلـفـت ُ لـه أيـمـانـا ً مـغـلـظـة وأنـا صــادق ٌ فـيـمـا أقـول : أنـي لا أعـرف شـيـئـا عـمـا يـهـذي بـه ِ ..ولـكـن لم يـقـتـنـع وظـل يــرعـد ويـزبـد .. فـبـدت لي تـلك الـشـاشـة الـتي أرى بـهـاالدنـيـا بـدت كـثـقـب إبــرة ٍ ضـاقـت بـسـبـبـها عـلي ّالدنــيـا بمـا رحـبـت ..وضـقـت ذرعـا ً وضـاقـت نـفـسي .. فـأغـلقـت ُ الجـهـاز بــلا شـعـور ٍ مـنـي .. وبــدت أ نـفاسـي تــلهـث ُ مـنـهـكـة ً ..
ألا تـوجــد عــلامـات ٌ ورمـوز لكي نـعـرف فـيـهـا الـنـمـام والكــاذب والخــائن واللذي يـضـمـر لـنـا الـشــر ؟!!..
أخــذتـنـي غـفـوة ٌ مـن الـتـعـب وأنـا بـعـد ُ عـلي الكــرسـي أمــام الـشـاشـة .. فـرأيت ُ فـيـمـا يـرى النـائـم ُ كـأنـي خــارج ٌ مـن الـبـيـت أهـيـم ُ عـلى وجـهـي .. وكان وجـهـي أشـد وســامة ً وأكـثـر بـيـاضـا ً كـأنـه النـور . وحـتـى بـاقـي الجـسـم .. وثــوبـي كــان طــويـلا ً أجــره مـن خــلـفـي ويـتـرك أثــره عـلى وجـه ألأرض .. وبـيـنـما أنـا أمـشي إذا بـإنــســان ٍ جـسـمـه جـسـم عـقـرب ورأسـه رأس إنـســان ٍ كـان صــديـقا ً لـي.. فـتـعـجـبت ُ وسـألـت ُ لم هــذا بـهـذه الــصـورة فــرد وا عـلي أن النـمـام هــكـذا لكي يـعـرف ويـجـتـنـب ويـحـذر ُ .. فـحـمدت ُ اللـه .. ومـضـيـت ُ .. فإذا بـي بأنــاس ٍ بـيـض الـوجـوه وســود ألأجـسـام ..فـبـادرتـهـم بـالـسـؤال لم أنـتـم هـكـذا ؟ فـقـال لي أحـدهـم : نـحـن ظــاهـرنـا خـيـر ولـكـن مـا نـبـطـنـه مـن الـشـر للـنـاس يـفـوق هـذا الخـيـر الكـاذب .. فـحـوقـلت ُ ومـضـيـت ُ أبـكـي فـإذا بـالدمـوع تـنـهـمر مـن عـيـني على وجـه ألأرض وما إن تـسـقـط تـلك الدمـعـة فـي مـكان إلا وخـرجـت مــكـانـها نـبـتـة جـمـيـلـة .. تـعـجـبـت ُ ومـضـيـت ُ فـإذا بــرجــال ٍ ســود الـوجـوه بـيـض ألأجـســام .. آخـذني الـعـجـب لم هــؤلاء عـكــس أولئــك ؟ فـعـلمـت ُ أنهـم مـمـن بــاطـنـهم فـيـه خـيـر ويـحـبـون الخـيـر ولـكـن أغـرتـهـم الدنـيـا فــظـاهــرهـم شــر وبــاطـنـهـم مـحـبـة وصــدق .. فـهـم أفـضـل عـن أولـئـك بـيـض الـوجـوه ســود ألأجـسـام .... ثـم بــدا لـي أنـاس ٌ بـرأسـيـن رأس ٌ جـمـيـل ورأس ٌ بأقـبـح صــورة ٍ .. فـسـألـت ُ أحـدهـم لـم أنـتم بـرأسـيـن ِ ؟ فـقـال لـي : نــحـن ( الــكــذابــون ) اللذيـن نـمـشـي بـيـن الـنـاس بالـكـذب ..
تـعـبت ُ مـن كـثـرة المـشـي قـلت ُ فـي نـفـسي لا بـد أن أرتــاح .. فوجـدتُ شــجـرة ً وارفـة الـظلال فـجـلـسـت ُ مـع أنـاس ٍ كـل واحـد ٍ مـنـهـم وكـل واحـدة ٍ لـهـا أكـثـر عـن ر ِجــْــل ٍ فـبـعـضــم لـه سـتـة أرجــل وبـعـضـهـم ثـلاثـة أرجــل ٍ وبـعـضـهـم عـشـرة أرجــل ..أخــذتـنـي الدهـشـة .. فـعـلـمت ُ أن بـعـضـهـم كـثـيـر الـسـعـي في وجـوه الخـيـر وإغــاثـة المـلـهـوف .. وذو ألأرجــل الـثـلاثـة هــؤلاء إما أنـهـم لـن يـمـوتـوا حـتـى يـطـول عـمـرهـم ويـتـعـكـزوا . أو أنـهـم لـن يـمـوتـوا إلا بـعـد أن يـصـابـوا بـمـرض يـحتـاجـون فـيـه مـن يـسـنـدهـم ..
قـمـت ُ مـن تـحـت ذاك الظــل الـوارف وسـعـيـت ُ راكـضـا ً إلى المجـهـول فإذا بــي بـرجـال ونـسـاء ٍ أجـسـامـهـم كـجـسـم الخـفـاش ورؤوسـهـم كـما هـي .. وبـدأت سـلـسـلـة الـغـرائـب لا تـنـتهي .. فـسـألـت ُمـن كــان قــريـبـا ً مـنـي لـما هــؤلاء بـهـذه الـصـورة ؟ فـقـالوا لي : هــؤلاء أنــاس ٌ نــاسـكـون كـثـيـرو الـعـبـادة .. مـضـيـت ُ لا ألــوي عـلى شــيء ٍ سـوى أنـي أرى كــل صــاحـب صـفـة ٍ ؛ بـه عــلامـة ٌ تـمـيـّـزه ُ أهـو عـابـد أم كـاذب أم سـيـطـول عـمـره أو يـقـصـر ..
وفـجـأة ً إذا بـفـوج ٍ يـمـرون بـجـانـبي وبــدؤوا يـصـافـحـونني ..فـعـجـبـت ُ لـم أجـد فـيـهـم مـن هــو مـكـتـمـل ( الأصابع ) ..
فـبـعـضـهـم قـد قـطـع ( إبـهـامـه ) والـثـانـي قـد قـطـعت ( سـبـابـتـه ) والآخــر ( الـوسـطـى ) والــرابـع ( الـبـنـصـر ) والـتـالي ( الخـنـصـر )
وبـعـضـهـم قــد قـطـع مـنـه ( إصبعين ) وبـعـضـهـم ثــلاثـة أصـابـع وبـعـضـهـم مـن غـيـر أصـابـع !!
والأكثر هـم أولـئـك اللـذيـن قـطـع مـن ( أصـابـعـهـم ) ( ألإبـهـام ) و ( الـوسـطـى )
أخــذتـنـي وسـوسـة ٌ وهـلـوسـة ٌ وكـأنـي بــدأت ُ أســرح ولـكـن هــم رأوا عـلى وجـهي الـغـرابـة فـبـادرنـي أحــدهـم يـجـيب عـمـا يـتـردد فـي نـفـسـي حــول هــذه ( ألأصــابـع ) فــقـال لـي : أمــا الأكثرية فـهـم اللـذيـن مـن غـيـر ( الإبهام ) و ( الـوسـطـى ) فـهـؤلاء كــانـوا يـنـامـون عـن صــلاتـي ( الـفـجـر ) و ( الـعـصـر ) وأمـا اللـذيـن مـن غـيـر ( ألأبـهـام ) فـهـم اللـذيـن يـنـامـون عـن صــلاة الـفـجـر ... وأمـا اللـذيـن مـن غـيـر أصــابـع فـهـم اللـذيـن تـهـاونـوا بـجـمـيـع ( الـصـلـوات ) .. فالـسـبـابـة صــلاة الـظــهـر والـبـنـصـر المـغـرب والخـنـصـر الـعـشــاء .. مـضـيـت ُ مـحـوقـلا ً ( لا حـول ولا قـوة إلا باللـه )
أخــذتـني رجـلاي إلى نــسـاء ٍ عـلـيـهـم ( ثـيـاب ٌ ) ولـكـن كـل واحـدة ٍ مـنـهـنّ كــان ثــوبـهـا مـنـشـقـا ً ( بـالـعـَـرْض ) تـشـقـقـات صـغـيـرة .. فـعـجـبـت ُ وسـألـت ُ .. فـقـيـل لـي هــؤلاء هـن ّ مـن إنـتـهـكـت ْ أعـراضـهـنّ .. فـبـدت نـفـسـي تـضـيـق .. فإذا بـي بـرجــال ٍ حــوامـل ٍ كـالـنـســاء .. لـم أسـأل .. هـذه الـمــرة كـان الجــواب عـلى شـفـتـي مـن كــان بـجـانـبـي قـائـلا ً : هــؤلاء مـهـمـومـون ...وكـل مـن يـصـيـبـه هـم ٌ مـن الــرجــال يـنـتـفـخ بـطـنـه كـالـمـرأة الحــامــل فـإذا زال هـمـُـه زال ألإنـتـفـاخ ...
ثـم بــي أنـهـض مـن ( حــلـمـي ) و ( غـفـوتـي ) وقـد عـراني ( الـتـعـب ) و ( ألإجـهـاد ) فـقـلت ُ فـي نـفـسـي لـماذا هــذا اللـذي رأيـتـه ُ لا نـراه فـي الـواقـع لـكي نـعـرف ( الكــاذب ) و ( الخــائـن ) و ( الـنـمـام ) و ... وســـرعــان مـا أقـنـعـت ُ نـفـسـي أن هــذه الدنــيـا دار إخــتـبـار وإمـتـحــان ٍ وتـعـلـم ٍ عـلى الـصـبـر ودار بــلاء ٍ ... ثــم أخــذت أصــابـعي ســريـعـا ً إلى فـتـح الجـهـاز مــرة ً أخــرى ..فــإذا بــصـاحـبـي مــازال عـلى خــط المــسـنـجـر فــأعـتـذرت ُ لــه ُ وكـتـبـت ُ لـه " لـيـتـك كــنـت َ مـعـي فـي الـحــلم لـكي أعــرف حـقـيـقـتـك " فــبـادرنـي " مــاذا ؟ !!! "
فــكـتـبـت ُ لـه : لا لا عـــذرا ً..... لا شـــــــــــي ء
بقلم :- صـدى الـونــه
في هزيع الليل قصة من كتابات الأخ العزيز صدى الونه و هي من القصص التي لاقت قبولا ً عند الجميع لعذوبتها و رقيها \ حفظتها عندي في الفترة التي أنزل فيها القصة في الواحات \ و قبل فترة قصيرة بحثت عنها و عن غيرها من مواضيعه في الواحات فلم أجد إلا اليسير
ثم وجدت هزيع الليل عندي في ملف وورد
و هي الآن بين أيديكم
و جزى الله صدى الونه خير الجزاء
...فـي هــزيــع اللـيـل بــدا أحــمــد كــعــادتـه ..مـلـتـفـا ً حــول شـاشـة الكمبيوتر ِ الذي لا يـفـارقـه ..فـهـو صـديـقـه الـوفـي الذي يـبـوح لـه بـأسـراره . ..ويـحـفـرعـلى وجـهـه خــواطـره وآمــالـه ..ويـشـكـو لـه كـأنـه يـسـمـعـه ُ .. بـل يــحـادثـه ... فـهـو قــد تـعـرف مـن خــلالـه عـلى أصـــدقــاء كــثـر لـم يــرهـم ولـكـن قــد بــدا لـه كـمـا يـظـن أن هــؤلاء . وبــدا الــحــوار عــلى لـسـانـه " لـم يـصادقوني لـمـصـلـحة مــال ٍ أو مـنـصـب ٍ أو غـيـرهـا مـن مـصـالح الــدنـيـا .. لـم يـجـمـعـني مـعـهـم إلا تــجـاذب أطــراف الحــديث .. والحـوارات الجــادة .. بــدأت ُ أخـتـار الـصـديق وأنـتـقـيـه كـمـا أشــاء ..
نـعـم كـونت ُ مـجـمـوعـة مـن الأصدقاء عـبـر غـرف الشــات وعـبـر المـنـتـديـات المـتـنـاثـرة طــولا وعـرضـا ً .. وكـنـت ُ مـنـدفـعـا ً وبـقـوة ٍ إلى هـذه الـصــداقـات .. لا أدري أهـو طـبـعـي الخـجـول الذي مـنـعـني مـن تـكويـن صــداقـات عـبـر الــواقـع . أم هـو الخـوف مـن أن تــلـك الـصدقـات لـن تـدوم .. لأنـهـا كـانت عـلى أســاس المــصــلحـة الــذاتـيـة بـعـيـدا ً عـن المـعـاني الـسـاميـة لــروابـط الـصـداقــة .. أنـا انكفأت ُ عـلى نـفـسـي بـعـيـدا ً عـن صـخـب الحــيـاة وبـريـقـهـا الكــاذب لـعـلي أرى الحــيـاة مـن جــديـد فـي هــذه الآلة الـعـجـيـبـة الـتـي تـفـتـح لي صــدرهـا .. ومـا إن زادت عـلاقـتي بـهـذا الـعـالم الـعـجيب وتـوطـدت بـه .. إلا وبـــدا الــشــك يــســاورنـي بــل يـقـتـلـنـي ..
لـم أظــن أن أولـئـك الـذين لـم أرهـم ولم يـروني .. سـأجـد ُ فـيـهـم الكــاذب والخــائـن والـنـمـام .. واللذي يــبـحث عـن مـصـلـحـتـه ولو بـفـقـد صـديـق ٍ عـزيـز ٍ عـلـيـه؛ فـقـط لـتـحـقـيـق مــآربـه ِ..
بــدأت ُ ألــدغ مــن أصــدقــاء المـسـنـجـر ويــالـهـا مـن لدغت أصــابـت فـي ّ مــقـتـلا ً وجــرحــا ً لا يــنــدمــل ..كـانت الدنـيـا ضـيـقـة فـي عـيـنـي ولـكـنـهـا كــانت تـتـسـع عـنـدمـا أجــلـس بـيـن أحـضـان شـاشـتـي . كـأني أرى الدنــيـا بـأكـمـلـهـا فـتـتـسـع نـفـسـي مـعـهـا ..
ولـكـن وفـي ذات لـيـلـة ٍ بـدأت ُ كـعـادتـي أقــلـب صـفـحـات المـواقـع وأنـا ســارح ٌ فـي هــذا الـعـالم .. فـإذا بـصــديـق ٍ مـن أصــدقـاء المـسـنـجـر قــد دخــل ورحـب بي .. ولـكـن كــان ترحـيـبـه فـاتـرا ً لم أعـهـد مـنـه مـثـل هــذا الـترحـيب .. جــاريـتـه مـتـعـللا أنه قـد يــكـون مـتـضـايـقـا ً أو مـريـضـا ً أو .. فـإذا بـه يـفـاجئني بـسـيـل ٍ مـن ألإتـهـامـات . لم أستــوعـب مـنه شـيـئـا فقد بـدا كـالـسـيل المـنـحـدر مـن مـكان مـرتـفـع .. شـكـكـت ُ فـي نـفـسي بدأت ُ أراجـع نـفـسي لـعـل كـلـمـة مـني خـرجـت من غـيـر قـصـد ٍ ولكن أبدا لا لا فـأنا حـريص عـلى ما يـخـرج مـنـي .. تـداركـت نـفـسي وبـدأت ُ أدافـع عـن نـفـسي وأقـول لـصديـقي : لا تـصـدق مـثـل هـذا الكــلام فـأنـا لـم أتـفـوه بـه ِ .. بـل لـم يـخـطـر لي . وحـلـفـت ُ لـه أيـمـانـا ً مـغـلـظـة وأنـا صــادق ٌ فـيـمـا أقـول : أنـي لا أعـرف شـيـئـا عـمـا يـهـذي بـه ِ ..ولـكـن لم يـقـتـنـع وظـل يــرعـد ويـزبـد .. فـبـدت لي تـلك الـشـاشـة الـتي أرى بـهـاالدنـيـا بـدت كـثـقـب إبــرة ٍ ضـاقـت بـسـبـبـها عـلي ّالدنــيـا بمـا رحـبـت ..وضـقـت ذرعـا ً وضـاقـت نـفـسي .. فـأغـلقـت ُ الجـهـاز بــلا شـعـور ٍ مـنـي .. وبــدت أ نـفاسـي تــلهـث ُ مـنـهـكـة ً ..
ألا تـوجــد عــلامـات ٌ ورمـوز لكي نـعـرف فـيـهـا الـنـمـام والكــاذب والخــائن واللذي يـضـمـر لـنـا الـشــر ؟!!..
أخــذتـنـي غـفـوة ٌ مـن الـتـعـب وأنـا بـعـد ُ عـلي الكــرسـي أمــام الـشـاشـة .. فـرأيت ُ فـيـمـا يـرى النـائـم ُ كـأنـي خــارج ٌ مـن الـبـيـت أهـيـم ُ عـلى وجـهـي .. وكان وجـهـي أشـد وســامة ً وأكـثـر بـيـاضـا ً كـأنـه النـور . وحـتـى بـاقـي الجـسـم .. وثــوبـي كــان طــويـلا ً أجــره مـن خــلـفـي ويـتـرك أثــره عـلى وجـه ألأرض .. وبـيـنـما أنـا أمـشي إذا بـإنــســان ٍ جـسـمـه جـسـم عـقـرب ورأسـه رأس إنـســان ٍ كـان صــديـقا ً لـي.. فـتـعـجـبت ُ وسـألـت ُ لم هــذا بـهـذه الــصـورة فــرد وا عـلي أن النـمـام هــكـذا لكي يـعـرف ويـجـتـنـب ويـحـذر ُ .. فـحـمدت ُ اللـه .. ومـضـيـت ُ .. فإذا بـي بأنــاس ٍ بـيـض الـوجـوه وســود ألأجـسـام ..فـبـادرتـهـم بـالـسـؤال لم أنـتـم هـكـذا ؟ فـقـال لي أحـدهـم : نـحـن ظــاهـرنـا خـيـر ولـكـن مـا نـبـطـنـه مـن الـشـر للـنـاس يـفـوق هـذا الخـيـر الكـاذب .. فـحـوقـلت ُ ومـضـيـت ُ أبـكـي فـإذا بـالدمـوع تـنـهـمر مـن عـيـني على وجـه ألأرض وما إن تـسـقـط تـلك الدمـعـة فـي مـكان إلا وخـرجـت مــكـانـها نـبـتـة جـمـيـلـة .. تـعـجـبـت ُ ومـضـيـت ُ فـإذا بــرجــال ٍ ســود الـوجـوه بـيـض ألأجـســام .. آخـذني الـعـجـب لم هــؤلاء عـكــس أولئــك ؟ فـعـلمـت ُ أنهـم مـمـن بــاطـنـهم فـيـه خـيـر ويـحـبـون الخـيـر ولـكـن أغـرتـهـم الدنـيـا فــظـاهــرهـم شــر وبــاطـنـهـم مـحـبـة وصــدق .. فـهـم أفـضـل عـن أولـئـك بـيـض الـوجـوه ســود ألأجـسـام .... ثـم بــدا لـي أنـاس ٌ بـرأسـيـن رأس ٌ جـمـيـل ورأس ٌ بأقـبـح صــورة ٍ .. فـسـألـت ُ أحـدهـم لـم أنـتم بـرأسـيـن ِ ؟ فـقـال لـي : نــحـن ( الــكــذابــون ) اللذيـن نـمـشـي بـيـن الـنـاس بالـكـذب ..
تـعـبت ُ مـن كـثـرة المـشـي قـلت ُ فـي نـفـسي لا بـد أن أرتــاح .. فوجـدتُ شــجـرة ً وارفـة الـظلال فـجـلـسـت ُ مـع أنـاس ٍ كـل واحـد ٍ مـنـهـم وكـل واحـدة ٍ لـهـا أكـثـر عـن ر ِجــْــل ٍ فـبـعـضــم لـه سـتـة أرجــل وبـعـضـهـم ثـلاثـة أرجــل ٍ وبـعـضـهـم عـشـرة أرجــل ..أخــذتـنـي الدهـشـة .. فـعـلـمت ُ أن بـعـضـهـم كـثـيـر الـسـعـي في وجـوه الخـيـر وإغــاثـة المـلـهـوف .. وذو ألأرجــل الـثـلاثـة هــؤلاء إما أنـهـم لـن يـمـوتـوا حـتـى يـطـول عـمـرهـم ويـتـعـكـزوا . أو أنـهـم لـن يـمـوتـوا إلا بـعـد أن يـصـابـوا بـمـرض يـحتـاجـون فـيـه مـن يـسـنـدهـم ..
قـمـت ُ مـن تـحـت ذاك الظــل الـوارف وسـعـيـت ُ راكـضـا ً إلى المجـهـول فإذا بــي بـرجـال ونـسـاء ٍ أجـسـامـهـم كـجـسـم الخـفـاش ورؤوسـهـم كـما هـي .. وبـدأت سـلـسـلـة الـغـرائـب لا تـنـتهي .. فـسـألـت ُمـن كــان قــريـبـا ً مـنـي لـما هــؤلاء بـهـذه الـصـورة ؟ فـقـالوا لي : هــؤلاء أنــاس ٌ نــاسـكـون كـثـيـرو الـعـبـادة .. مـضـيـت ُ لا ألــوي عـلى شــيء ٍ سـوى أنـي أرى كــل صــاحـب صـفـة ٍ ؛ بـه عــلامـة ٌ تـمـيـّـزه ُ أهـو عـابـد أم كـاذب أم سـيـطـول عـمـره أو يـقـصـر ..
وفـجـأة ً إذا بـفـوج ٍ يـمـرون بـجـانـبي وبــدؤوا يـصـافـحـونني ..فـعـجـبـت ُ لـم أجـد فـيـهـم مـن هــو مـكـتـمـل ( الأصابع ) ..
فـبـعـضـهـم قـد قـطـع ( إبـهـامـه ) والـثـانـي قـد قـطـعت ( سـبـابـتـه ) والآخــر ( الـوسـطـى ) والــرابـع ( الـبـنـصـر ) والـتـالي ( الخـنـصـر )
وبـعـضـهـم قــد قـطـع مـنـه ( إصبعين ) وبـعـضـهـم ثــلاثـة أصـابـع وبـعـضـهـم مـن غـيـر أصـابـع !!
والأكثر هـم أولـئـك اللـذيـن قـطـع مـن ( أصـابـعـهـم ) ( ألإبـهـام ) و ( الـوسـطـى )
أخــذتـنـي وسـوسـة ٌ وهـلـوسـة ٌ وكـأنـي بــدأت ُ أســرح ولـكـن هــم رأوا عـلى وجـهي الـغـرابـة فـبـادرنـي أحــدهـم يـجـيب عـمـا يـتـردد فـي نـفـسـي حــول هــذه ( ألأصــابـع ) فــقـال لـي : أمــا الأكثرية فـهـم اللـذيـن مـن غـيـر ( الإبهام ) و ( الـوسـطـى ) فـهـؤلاء كــانـوا يـنـامـون عـن صــلاتـي ( الـفـجـر ) و ( الـعـصـر ) وأمـا اللـذيـن مـن غـيـر ( ألأبـهـام ) فـهـم اللـذيـن يـنـامـون عـن صــلاة الـفـجـر ... وأمـا اللـذيـن مـن غـيـر أصــابـع فـهـم اللـذيـن تـهـاونـوا بـجـمـيـع ( الـصـلـوات ) .. فالـسـبـابـة صــلاة الـظــهـر والـبـنـصـر المـغـرب والخـنـصـر الـعـشــاء .. مـضـيـت ُ مـحـوقـلا ً ( لا حـول ولا قـوة إلا باللـه )
أخــذتـني رجـلاي إلى نــسـاء ٍ عـلـيـهـم ( ثـيـاب ٌ ) ولـكـن كـل واحـدة ٍ مـنـهـنّ كــان ثــوبـهـا مـنـشـقـا ً ( بـالـعـَـرْض ) تـشـقـقـات صـغـيـرة .. فـعـجـبـت ُ وسـألـت ُ .. فـقـيـل لـي هــؤلاء هـن ّ مـن إنـتـهـكـت ْ أعـراضـهـنّ .. فـبـدت نـفـسـي تـضـيـق .. فإذا بـي بـرجــال ٍ حــوامـل ٍ كـالـنـســاء .. لـم أسـأل .. هـذه الـمــرة كـان الجــواب عـلى شـفـتـي مـن كــان بـجـانـبـي قـائـلا ً : هــؤلاء مـهـمـومـون ...وكـل مـن يـصـيـبـه هـم ٌ مـن الــرجــال يـنـتـفـخ بـطـنـه كـالـمـرأة الحــامــل فـإذا زال هـمـُـه زال ألإنـتـفـاخ ...
ثـم بــي أنـهـض مـن ( حــلـمـي ) و ( غـفـوتـي ) وقـد عـراني ( الـتـعـب ) و ( ألإجـهـاد ) فـقـلت ُ فـي نـفـسـي لـماذا هــذا اللـذي رأيـتـه ُ لا نـراه فـي الـواقـع لـكي نـعـرف ( الكــاذب ) و ( الخــائـن ) و ( الـنـمـام ) و ... وســـرعــان مـا أقـنـعـت ُ نـفـسـي أن هــذه الدنــيـا دار إخــتـبـار وإمـتـحــان ٍ وتـعـلـم ٍ عـلى الـصـبـر ودار بــلاء ٍ ... ثــم أخــذت أصــابـعي ســريـعـا ً إلى فـتـح الجـهـاز مــرة ً أخــرى ..فــإذا بــصـاحـبـي مــازال عـلى خــط المــسـنـجـر فــأعـتـذرت ُ لــه ُ وكـتـبـت ُ لـه " لـيـتـك كــنـت َ مـعـي فـي الـحــلم لـكي أعــرف حـقـيـقـتـك " فــبـادرنـي " مــاذا ؟ !!! "
فــكـتـبـت ُ لـه : لا لا عـــذرا ً..... لا شـــــــــــي ء
بقلم :- صـدى الـونــه