صدى الونه
07-05-04 ||, 11:25 PM
<font color='#000000'><p align=center><font color=#ff0066>راح عني وراحت بسمته ، راح وما ودعني ، راح وكأنه روحي تبعته ، كنت ُ لا أدري يومها ، لم حزنت ذلك الحزن
فالأصدقاء كثر ، ولكن ليسوا بمكانة سلطان ، كان يكبرني كثيرا ً ، ألتقي به في أزقة ( الفريج ) ،
يلوح بالسلام عندما كنا نلعب ونلهو ، أذكر أن له بسمة ً آسرة ، مع أنه ماكان وسيما ً ، ولكن كنت ُ أشعر حينها
أنه يحمل لي سرا ً ، وأنا كأني أدركت ذاك السر فحاولت الحفاظ عليه ، كان احتكاكي به نادرا ً ، وسلامي له عابرا ً ، ولكن كان سلاما ً
يحمل دفأ ً ، كنت أعلم حينها أنه يدرس في أميركا ، لأنه كان جار ٌ لنا ، يجمعنا مسجد ٌ نلتقي به ، وجمعتنا حارة ٌ نلعب فيها
مضت السنون وتزوج من أميركية ٍ أنجبت لها أبناء ، ثم تغير حاله ُ وبدأ أكثر قربا ً من خالقه
وبدأت اللحية تزين وجهه ، وكأنه اتى من أميركا وهو يشعر بالنعمة التي يمتلكها كل مسلم ، فأراد ان يحافظ عليها أكثر وأكثر
في هذه الحظات التي تغير فيها حاله ، بدأت اقترب منه أكثر واكثر ، وبدأ هو كذلك ، مع أني أصغره كثيرا ً
كنا نصلي ثم يدعوني في بيته ، يضحكني وأضحكه ، أشعر حينها ان روحي تخاطب روحه
كنت اشعر أنه بين جيلين جيل من جيل أبي وجيل من جيل الشباب ، كأن به روحين جميلتين وهذا السر الذي أشرت ُ له آنفا
كنا نجلس فيأتي أبناؤه يتلاعبون ويضحكون ويحضنهم امام ناظري ْ ، يكاد يألمهم من شدة حضنه لهم ، ولكن ألم به لذة لا
تدركها إلا الأم الحنون ، أقول في نفسي حينها : فــُــطِــر سلطان على ان يكون أبا ً ، كنت حينها لا أملك سيارة ً ولا رخصة قيادة
فكنت ُ أذهب معه ، نمضي سويا ً نتبضع ، كان قد حكى لي عن أمه حينما ماتت ، وأذكر اني رأيتها في صغري وملامحها ما زالت
عيني ، كانت أما ً بحق ٍ ، حملت أعباء البيت بعد موت زوجها والد ٌ صديقي سلطان ، يحكي لي عن أمه
قائلا ً : كنت راجعا ً من العمل ، وأتاني خبر وفاتها ، وأنا أقود السيارة ، متجها ً إلى بيت أمي لا أتذكر منه إلا أنه أسود كالح
وكأني أقود بلا كرسي السيارة ، فكأن سندي قد خلع ، وخلع ظهري معه ، يقول هذا لأن أباه قد رحل من فترة ٍ بعيدة
وماله بعد الله سوى أمه التي بموتها تفرق أبناؤها ...
كنت ُ أخرج معه وأتصل به وأرحب به ترحيبا ً حارا ً ، ولكن كنت ُ أشعر أني مقصر ٌ في سلوك ِ الذي على لساني
كنت ُ أشعر أن ّ ما يعتلج في صدري أكبر مما أقوله له ، مضت ثلاث سنوات ٍ أو أكثر ، ثم انتقل هو إلى بيتا ً
آخر بعيدا ً عنا ، ولكن ظلت روحي تتبعه ُ ، وما كنت ُ أستطيع حينها كثرة الترداد عليه ، لأنه رب أسرة ٍ وله أبناء ، وله مشاغله الخاصة
اتصلت ُ به يوما ً وسلمت عليه ، وفلتت من لساني ما كان يعتلج في جناني ، قلتها له حينا ، لا أعرف كيف خرجت :
قلت له : كيف حالك ياأبو ... أشتقت ُ لك ، حسست ُ حينها أنه تلعثم فتلعثمت ُ معه ، ولكن فرحت ُ والله ، عندما خرجت مني
وكأن ّ روحي قد شعرت بأمر غريب ٍ مخيف ٍ ، فما إن مضت أسابيع ، وأنا اعاود الإتصال به ، فرد ّ علي ّ
بصوت ٍ منهك ٍ متألم ٍ يأخذ نفسا ً لكي يتكلم ، فقلت ُ له : ما بك ياسلطان عسى خير ؟! قال لي :
انا في المستشفى .. قلت ُ : عسى انك ما تعبت َ كثيرا ً ، قال لي : والله تبا الصراحة تعبت _ بهذه الكلمات بالضبط _
وأردف انه سيذهب إلى بريطانيا مع زوجته ، فلا أعرف حينها أين أيمم وجهي فقد كنت أحادثه وانا أقود سيارتي ، فاختلطت علي الطرق
وضللت ُ مساري ، بغيت ُ أيام قليلة وإذا بخبر موته ِ يصعقني ، يزلزلني ، كأن ّ روحي تريد ان تخرج لكي تعانق روحه ، وددت حينها أني
قريب ٌ منه كي أقـبـّـله نعم أقـبـّـلـه على جبينه الأغر ..
أخبرتني زوجته ُ أنه مات بالسرطان ، وتليف الكبد ، وأنه رفض أن يحلق لحيته - الله أكبر- لأنه ذاهب ٌ إلى بلاد الكفر والعهر
كأنه شعر أنه سيلقى ربه فأبى إلا أن يلقاه وهو بلحيته ، ما أقول إلا :
الله يرحمك ياسلطان
تحياتي
صدى الونه</font></p></font>
فالأصدقاء كثر ، ولكن ليسوا بمكانة سلطان ، كان يكبرني كثيرا ً ، ألتقي به في أزقة ( الفريج ) ،
يلوح بالسلام عندما كنا نلعب ونلهو ، أذكر أن له بسمة ً آسرة ، مع أنه ماكان وسيما ً ، ولكن كنت ُ أشعر حينها
أنه يحمل لي سرا ً ، وأنا كأني أدركت ذاك السر فحاولت الحفاظ عليه ، كان احتكاكي به نادرا ً ، وسلامي له عابرا ً ، ولكن كان سلاما ً
يحمل دفأ ً ، كنت أعلم حينها أنه يدرس في أميركا ، لأنه كان جار ٌ لنا ، يجمعنا مسجد ٌ نلتقي به ، وجمعتنا حارة ٌ نلعب فيها
مضت السنون وتزوج من أميركية ٍ أنجبت لها أبناء ، ثم تغير حاله ُ وبدأ أكثر قربا ً من خالقه
وبدأت اللحية تزين وجهه ، وكأنه اتى من أميركا وهو يشعر بالنعمة التي يمتلكها كل مسلم ، فأراد ان يحافظ عليها أكثر وأكثر
في هذه الحظات التي تغير فيها حاله ، بدأت اقترب منه أكثر واكثر ، وبدأ هو كذلك ، مع أني أصغره كثيرا ً
كنا نصلي ثم يدعوني في بيته ، يضحكني وأضحكه ، أشعر حينها ان روحي تخاطب روحه
كنت اشعر أنه بين جيلين جيل من جيل أبي وجيل من جيل الشباب ، كأن به روحين جميلتين وهذا السر الذي أشرت ُ له آنفا
كنا نجلس فيأتي أبناؤه يتلاعبون ويضحكون ويحضنهم امام ناظري ْ ، يكاد يألمهم من شدة حضنه لهم ، ولكن ألم به لذة لا
تدركها إلا الأم الحنون ، أقول في نفسي حينها : فــُــطِــر سلطان على ان يكون أبا ً ، كنت حينها لا أملك سيارة ً ولا رخصة قيادة
فكنت ُ أذهب معه ، نمضي سويا ً نتبضع ، كان قد حكى لي عن أمه حينما ماتت ، وأذكر اني رأيتها في صغري وملامحها ما زالت
عيني ، كانت أما ً بحق ٍ ، حملت أعباء البيت بعد موت زوجها والد ٌ صديقي سلطان ، يحكي لي عن أمه
قائلا ً : كنت راجعا ً من العمل ، وأتاني خبر وفاتها ، وأنا أقود السيارة ، متجها ً إلى بيت أمي لا أتذكر منه إلا أنه أسود كالح
وكأني أقود بلا كرسي السيارة ، فكأن سندي قد خلع ، وخلع ظهري معه ، يقول هذا لأن أباه قد رحل من فترة ٍ بعيدة
وماله بعد الله سوى أمه التي بموتها تفرق أبناؤها ...
كنت ُ أخرج معه وأتصل به وأرحب به ترحيبا ً حارا ً ، ولكن كنت ُ أشعر أني مقصر ٌ في سلوك ِ الذي على لساني
كنت ُ أشعر أن ّ ما يعتلج في صدري أكبر مما أقوله له ، مضت ثلاث سنوات ٍ أو أكثر ، ثم انتقل هو إلى بيتا ً
آخر بعيدا ً عنا ، ولكن ظلت روحي تتبعه ُ ، وما كنت ُ أستطيع حينها كثرة الترداد عليه ، لأنه رب أسرة ٍ وله أبناء ، وله مشاغله الخاصة
اتصلت ُ به يوما ً وسلمت عليه ، وفلتت من لساني ما كان يعتلج في جناني ، قلتها له حينا ، لا أعرف كيف خرجت :
قلت له : كيف حالك ياأبو ... أشتقت ُ لك ، حسست ُ حينها أنه تلعثم فتلعثمت ُ معه ، ولكن فرحت ُ والله ، عندما خرجت مني
وكأن ّ روحي قد شعرت بأمر غريب ٍ مخيف ٍ ، فما إن مضت أسابيع ، وأنا اعاود الإتصال به ، فرد ّ علي ّ
بصوت ٍ منهك ٍ متألم ٍ يأخذ نفسا ً لكي يتكلم ، فقلت ُ له : ما بك ياسلطان عسى خير ؟! قال لي :
انا في المستشفى .. قلت ُ : عسى انك ما تعبت َ كثيرا ً ، قال لي : والله تبا الصراحة تعبت _ بهذه الكلمات بالضبط _
وأردف انه سيذهب إلى بريطانيا مع زوجته ، فلا أعرف حينها أين أيمم وجهي فقد كنت أحادثه وانا أقود سيارتي ، فاختلطت علي الطرق
وضللت ُ مساري ، بغيت ُ أيام قليلة وإذا بخبر موته ِ يصعقني ، يزلزلني ، كأن ّ روحي تريد ان تخرج لكي تعانق روحه ، وددت حينها أني
قريب ٌ منه كي أقـبـّـله نعم أقـبـّـلـه على جبينه الأغر ..
أخبرتني زوجته ُ أنه مات بالسرطان ، وتليف الكبد ، وأنه رفض أن يحلق لحيته - الله أكبر- لأنه ذاهب ٌ إلى بلاد الكفر والعهر
كأنه شعر أنه سيلقى ربه فأبى إلا أن يلقاه وهو بلحيته ، ما أقول إلا :
الله يرحمك ياسلطان
تحياتي
صدى الونه</font></p></font>