المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كـلام النـــــاس



عاشقة الشمال
01-02-04 ||, 03:52 PM
<font color='#000000'><div style="text-align: center"><span style="font-size: 12px; line-height: normal"><font size=5>كــلام النــــــــــــــــــــاس</font></span></div>

<span style="font-size: 12px; line-height: normal">
<div style="text-align: justify"><font size=5>كثيراً ما يتكلم الناس في شؤون غيرهم، ويتدخلون فيما لا يعنيهم، وغالباً ما تكون كلماتهم قاسية وجارحة..هذا ما حدث عندما أعلن (طارق) ابن عمتي نيته في الزواج مني أمام العائلة، ولثوان قليلة كانت الدنيا لا تسع فرحتي فيها، قالت عمتي:"إنها أكبر منك"، قال هو مدافعاً: "أصغر منها بسنة واحدة فقط"، قالت أمي: "أنتم بذلك كالأخوة"..وتتابع الجميع في إبداء آرائهم كل واحد منهم يضيف سبباً للرفض..كان ينظر إليّ بعينين دامعتين ولا يملك من القول شيئاً أمام رفض العائلة الموحد لزواجنا.
عندما عدت إلى البيت انفردت أمي بي، سألتني:
<span style="color: darkred">-أجيبيني بصراحة، لِمَ لم ترفضي الزواج بشكل واضح؟</span>
<span style="color: red">-وهل رفضته؟</span>
<span style="color: darkred">-ماذا؟ أنت موافقة؟&#33;</span>
<span style="color: red">-أحبه..أحب (طارق).</span>
<span style="color: darkred">-ما هذا الكلام الفارغ؟ إنك أكبر منه بسنة كاملة.</span>
<span style="color: red">-أعرف ذلك..سنة واحدة ليست سبباً وجيها للرفض..إننا متحابان يا أمي.</span>
<span style="color: darkred">-كيف تجرئين على قول ذلك؟ أنتِ..(قاطعتها)</span>
<span style="color: red">- أمي..أرجوكِ..</span>

اتجهت إلى الباب والتفتت إليّ قائلة:" هذا الزواج لن يتم"..وصفقت الباب ورائها بقوة.. ما هذه التقاليد المتخلفة التي توجب على الرجل أن يتزوج بمن تصغره سناً، ومن يفعل خلاف لك يقال أن هذه المرأة تصلح لتربيته لا للزواج منه حتى لو لم تكن قد جاوزت العشرين من عمرها..أي مجتمع هو الذي نعيش فيه..لماذا هذه التعقيدات والمغالطات؟..أليس من الأفضل لهؤلاء الناس أن يهتموا بحياتهم وشؤونهم بدل الثرثرة والتحكم في حياة غيرهم؟

استيقظت في الصباح على صوت رنين الهاتف بجواري، دخلت أختي الصغيرة مسرعة لتجيب على الهاتف..
<span style="color: green">-ألو..نعم..بخير..نعم بخير..لا..إنها نائمة الآن..سأخبرها..مع السلامة.</span>
<span style="color: red">-من؟</span>
<span style="color: green">-إنه (طارق).اتصل يطلبك..واعتذرت..لا تنظري إلي هكذا..إنها أوامر أمي، لا دخل لي بذلك فلا تتحاملي علي.</span>

حتى هذه..لطالما وقفت إلى جانبها في مواقف كثيرة، وهي الآن تقف مع الجميع ضدي، لقد أحببت (طارق) منذ أن كنا صغاراً، لقد كان مختلفاً عن الأولاد الآخرين في كلامه وتصرفاته، كان يشبهني في الطباع إلى حد كبير، والأهم من ذلك أنه يحترمني ويقدرني..ويحبني..كبرنا وكبر حبنا معنا..ويستحيل علينا التفكير بإمكانية أن يعيش أحدنا دون الآخر..لذا كان علينا أن نتحدى الجميع لينتصر حبنا..

قاومنا رفض العائلة لزواجنا، فرغم اعتراض جميع من حولنا..استسلمنا أنا و(طارق) لدبيب القلب العنيف، تزوجنا..ورمينا كلام الناس بعرض الحائط/ وهنا كان التحدي الكبير، كان علينا أن نثبت للجميع أنه لا سعادة لأحدنا دون الآخر، ولست شهور مضت من زواجنا لم يزرنا أحد من أهلنا، تقبل (طارق) هذا الواقع حجة أن تظل عصافير الحب محلقة في سماء بيتنا السعيد ولا يعكر صفو حياتنا الهادئة أحد، ولكنني أصررت على دعوتهم لزيارتنا..ولبوا هم الدعوة عن طيب خاطر، وما أن رأوا السعادة تطل من أعيننا حتى بدءوا شيئا فشيئا بتقبل زواجنا ومباركته..

مر عام كامل ولم تنبت ثمرة في أحشائي، وبدأت تساؤلات الأهل، غير أن (طارق) لم يفاتحني في هذا الموضوع خشية أن يجرح مشاعري كما ظننت..حتى كان ذلك اليوم الذي جاء فيه عمي وزوجته وابنتهما (سحر) لزيارتنا، وعلى مائدة العشاء..ضبطت نظراتهما المختلسة..زوجي و(سحر)، كانت كلما التقت عيناهما يطأطئان رأسيهما في خجل واستحياء، بقيت شاردة طوال السهرة..ماذا تعني تلك النظرات؟ أهو يخونني؟ أم أنني أبالغ؟..تساؤلات كثيرة ودروب شك طويلة أنهاها زوجي بعد أن غادرنا عمي وأسرته، اعترف لي بأنه يستعيذ الشيطان ألف مرة قبل أن ينظر في عيني (سحر) ثم يغرق في سحرهما، صارحني بذلك بكل جرأة ووقاحة، كيف يفعل ذلك بي..وأنا التي تحديت الجميع من أجله؟..كسرت بخاطر أمي وأمه وتزوجته رغما عنهم..قال:
<span style="color: blue">-أنت السبب..</span>
<span style="color: red">-(تراجعت دَهِشَة) أنا؟..تلقي باللوم علي أنا..</span>
<span style="color: blue">-كان عليك أن تحذري من زياراتها لنا.</span>
<span style="color: red">-كيف تريدني أن أعلم بنوايا تلك الساحرة الخبيثة أو بخفايا روحك الخصبة إن لم تخبرني أنت بذلك؟</span>
<span style="color: blue">-ماذا كنت تريدينني أن أقول؟ أنها رقيقة وحلوة؟..أن أحاديثها رائعة؟..أنها أجمل منك؟..وأنها أصغر مني؟</span>

عدت إلى بيت أهلي..أحمل حقيبتي بيد وورقة طلاقي باليد الأخرى..وعاد الناس إلى ثرثرتهم..إنه على صواب..وأنا المخطئة، ما كان علي أن أتزوج بمن يصغرني سناً، فأنا أكبر منه بسنة ويقول المثل: أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة، إذا أنا أعلم منه بمئات السنين، كان علي أن لا أوافق على الزواج به..وبعد غلطتي الفادحة بالزواج به كان علي أن أحافظ على بيتي، وأن لا أسمح لأي كان بالتدخل في حياتي أو سرقة زوجي مني..أنا المخطئة..أنا المهملة..كان هذا هو كلام الناس وموقفهم من طلاقي، كان ها هو كلام الناس رغم موقفه القذر معي، تباً لكلام الناس..تباً لأناس هذا المجتمع الذين يلقون باللوم على المرأة دائما بينما يظهر الرجل مشرق التاريخ وصاحب الصورة المشرفة.

كانت نظرات أسرتي إلي وخاصة أمي نظرات شفقة ولوم وعتاب، حتى عمتي جاءت لزيارتي متهمة إياي بالخطأ والإهمال وأنه ما كان علي الموافقة على الارتباط بابنها ثم التفريط به وتركه لأخرى، لا أعرف إن كنت أخطأت أم لا ولكني كنت في أمس الحاجة لأحد يقف بجانبي ويواسيني، ووجدت ما احتجت إليه في قريب لي كان قد عاد إلى البلاد بعد شهرين من زواجي بلقب دكتور، رأيته عدة مرات في بيتي السابق وفي بيتنا، رجل محترم ووقور وعلى قدر عالٍ من الأخلاق ويكبرني بخمسة أعوام وقد تكون الميزة الأخيرة هي التي زادت أمي اقتناعا وموافقة على زواجي به، كانت فترة خطبتي بـ(سالم) من أحلى أيام عمري، تغلبت فيها على آلامي وهمومي، بدأت استعد ليوم الزفاف وكأني أتزوج للمرة الأولى، كانت لهفتي لليوم الذي يجمعني بـ(سالم) تزداد مع كل يوم ينقضي، وطيلة هذه المدة لم أسمع أبداً أي خبر عن (طارق) وأحواله، ولم يهمني ذلك، فقد كان القلب مشغولا بخطيبي الحبيب، وما كنت لأقبل أن يشاركه أحد في قلبي أو أن يشغل تفكيري غيره، وكأني خلقت من جديد، وكأني أقع في الحب لأول مرة.

مضت الأيام بسرعة وكان يوم حفل زفافي، كنت عند مصففة الشعر حينما رن هاتفي، كان (طارق) هو المتحدث، قال:
<span style="color: blue">-أرجوكِ اسمعيني، أنا آسف لما حصل بيننا، أنا أعترف أنني تهورت ولكن أرجو أن تعطيني فرصة لأعوض عما سببته لكِ من ألم، أما عن (سحر)..(قاطعته)</span>
<span style="color: red">-أنت من عليه أن يسمعني، كان زواجنا غلطة كبيرة فما كان علينا أن نتحدى الجميع.(قاطعني</span>)
<span style="color: blue">-فعلنا ذلك من أجل حبنا..</span>
<span style="color: red">-لم يكن ذلك حباً، لقد تهيأ لنا ذلك لتقاربنا الشديد وتشابه طباعنا، وما جمعنا أكثر هو التحدي والطبع العنيد، فقد راقت لنا فكرة مواجهة العائلة.</span>
<span style="color: blue">-إنكِ تهذين.</span>
<span style="color: red">-لقد لقيت نفسي مع (سالم) وأنا مقتنعة به.</span>
<span style="color: blue">-مجنونة..</span>
وأقفل الخط، شعرت براحة كبيرة باتصاله فقد كنت بحاجة كبيرة لأن أُسمِع نفسي هذا الكلام قبل أن أقوله لـ(طارق)، مضيت إلى قاعة الحفل، كان الجميع يبتسم مسروراً على خلاف زواجي السابق، كانت دموع فرحة أمي بي أكثر ما أسعدني، أمضيت وزوجي شهر عسل رائع، وتوجنا زواجنا بطفلة جميلة، فتيقنت أكثر بأني ما كنت لألقى مثل هذا الحب والاحترام والسعادة لو كنت مع (طارق)، أتمنى أن يكون قد فهم كلامي، لكني أتساءل أحياناً..ماذا كان سيحدث لو سمعنا كلام الناس وانحنينا أمام العادات والتقاليد منذ البداية؟</font></div></span>


<font size=3><font size=5>إن شاء الله تنال القصة إعجابكم</font> </font>
</font>